وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ الْبَصْرَةَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَائِبَهَا، فَخَرَجَ لَهُ عَنْ دَارِهِ وَأَنْزَلَهُ بِهَا، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ خَرَجَ لَهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِهَا، وَزَادَهُ تُحَفًا وَخَدَمًا كَثِيرًا، وَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ عَبْدًا ; إِكْرَامًا لَهُ لِمَا كَانَ أَنْزَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَكْبَرِ الشَّرَفِ لَهُ. وَهُوَ الْقَائِلُ لِزَوْجَتِهِ أُمِّ أَيُّوبَ حِينَ قَالَتْ لَهُ: أَمَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي عَائِشَةَ؟ فَقَالَ لَهَا: أَكُنْتِ فَاعِلَةً ذَلِكَ يَا أُمَّ أَيُّوبَ؟ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَهِيَ خَيْرٌ مِنْكِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور: ١٢] الْآيَةَ [النُّورِ: ١٢] . وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبِلَادِ الرُّومِ قَرِيبًا مِنْ سُورِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: فِي الَّتِي قَبِلَهَا. وَقِيلَ: فِي الَّتِي بَعْدَهَا. وَكَانَ فِي جَيْشِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَإِلَيْهِ أَوْصَى، وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ أَهْلِ مَكَّةَ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْجَيْشِ الَّذِي غَزَا فِيهِ أَبُو أَيُّوبَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاقْرَءُوا عَلَى النَّاسِ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرُوهُمْ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا جَعَلَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ ".» وَلِيَنْطَلِقُوا بِي فَيَبْعُدُوا بِي فِي أَرْضِ الرُّومِ مَا اسْتَطَاعُوا. قَالَ: فَحَدَّثَ النَّاسَ لَمَّا مَاتَ أَبُو أَيُّوبَ، فَاسْتَلْأَمَ النَّاسُ وَانْطَلَقُوا بِجِنَازَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute