للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَعْلَمُ بِهِ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ، وَمَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ بِمَا أَرَدْتَ، وَإِنَّمَا عَلَيْنَا أَنْ نَسْمَعَ وَنُطِيعَ، وَعَلَيْكَ أَنْ تَنْصَحَ لِلْأُمَّةِ. وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ لَمَّا صَالَحَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَهِدَ لِلْحَسَنِ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ، فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ قَوِيَ أَمْرُ يَزِيدَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، وَرَأَى أَنَّهُ لِذَلِكَ أَهْلًا، وَذَاكَ مِنْ شِدَّةِ مَحَبَّةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَلِمَا كَانَ يَتَوَسَّمُ فِيهِ مِنَ النَّجَابَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَسِيَّمَا أَوْلَادِ الْمُلُوكِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالْحُرُوبِ وَتَرْتِيبِ الْمُلْكِ وَالْقِيَامِ بِأُبَّهَتِهِ، وَكَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَقُومُ أَحَدٌ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ فِي الْمُلْكِ مَقَامَهُ، وَلِهَذَا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا خَاطَبَهُ بِهِ: إِنِّي خِفْتُ أَنْ أَذَرَ الرَّعِيَّةَ مِنْ بَعْدِي كَالْغَنَمِ الْمَطِيرَةِ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا بَايَعَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ بَايَعْتُهُ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ. وَقَدْ عَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي وِلَايَتِهِ يَزِيدَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَكَانَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ لَوْ مُلِئَتِ الْغُوطَةُ رِجَالًا مِثْلَكَ لَكَانَ يَزِيدُ أَحَبَّ مِنْكُمْ كُلِّكُمْ.

وَرُوِّينَا عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا فِي خُطْبَتِهِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي وَلَّيْتُهُ لِأَنَّهُ فِيمَا أَرَاهُ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَأَتْمِمْ لَهُ مَا وَلَّيْتُهُ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا وَلَّيْتُهُ لِأَنِّي أُحِبُّهُ فَلَا تُتْمِمْ لَهُ مَا وَلَّيْتُهُ.

وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ قَدْ سَمَرَ لَيْلَةً، فَتَكَلَّمَ أَصْحَابُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>