للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " هَذَا غُلَامُكَ ". فَقَالَ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» .

وَقَدْ لَزِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَلَمْ يُفَارِقْهُ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ، وَكَانَ أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ مِنْهُ، وَتَفَقَّهَ عَنْهُ، وَكَانَ يَلْزَمُهُ عَلَى شِبَعِ بَطْنِهِ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - وَقَدْ تَمَخَّطَ يَوْمًا فِي قَمِيصٍ لَهُ مِنْ كَتَّانٍ -: بَخٍ بَخٍ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الْكَتَّانِ! لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْحُجَرِ مِنَ الْجُوعِ، فَيَمُرُّ الْمَارُّ فَيَقُولُ: بِهِ جُنُونٌ. وَمَا بِي إِلَّا الْجُوعُ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كُنْتُ أَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَسْتَقْرِئُ أَحَدَهُمُ الْآيَةَ وَأَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ، وَمَا بِي إِلَّا أَنْ يَسْتَتْبِعَنِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيُطْعِمُنِي شَيْئًا. وَذَكَرَ حَدِيثَ اللَّبَنِ مَعَ أَهْلِ الصُّفَّةِ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي ذِكْرِ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ السُّحَيْمِيُّ الْأَعْمَى، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَ لَنَا: «وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مُؤْمِنًا يَسْمَعُ بِي وَلَا يَرَانِي إِلَّا أَحَبَّنِي. قُلْتُ: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّي كَانَتِ امْرَأَةً مُشْرِكَةً، وَإِنِّي كُنْتُ أَدْعُوهَا إِلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَتْ تَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>