للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَاسْتَوْهَبَتْهَا مِنْهُ امْرَأَتُهُ، فَأَطْلَقَهَا لَهَا. وَبَعَثَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَسَمَ مِنْهَا خَمْسِينَ أَلْفًا، وَحَبَسَ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَفَرَّقَ مِنْهَا تِسْعِينَ أَلْفًا، وَاسْتَبْقَى عَشَرَةَ آلَافٍ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّهُ لَمُقْتَصِدٌ يُحِبُّ الِاقْتِصَادَ، وَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَقَالَ لِلرَّسُولِ: لِمَ جِئْتَ بِهَا بِالنَّهَارِ؟ هَلَّا جِئْتَ بِهَا بِاللَّيْلِ. ثُمَّ حَبَسَهَا عِنْدَهُ، وَلَمْ يُعْطِ مِنْهَا أَحَدًا شَيْئًا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّهُ لَخِبٌّ ضَبٌّ، كَأَنَّكَ بِهِ قَدْ رَفَعَ ذَنَبَهُ وَقُطِعَ.

وَقَالَ ابْنُ دَابٍّ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ، وَيَقْضِي لَهُ مَعَهَا مِائَةَ حَاجَةٍ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَامًا، فَأَعْطَاهُ الْمَالَ، وَقَضَى لَهُ الْحَاجَاتِ، وَبَقِيَتْ مِنْهَا حَاجَةٌ وَاحِدَةٌ، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهُ إِذْ قَدِمَ أَصْبَهْبَذُ سِجِسْتَانَ يَطْلُبُ مِنْ مُعَاوِيَةَ أَنْ يُمَلِّكَهُ تِلْكَ الْبِلَادَ، وَوَعَدَ مَنْ قَضَى لَهُ هَذِهِ الْحَاجَةَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ أَلْفٍ، فَطَافَ عَلَى رُءُوسِ الْأُمَرَاءِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَأُمَرَاءِ الْعِرَاقِ، مِمَّنْ قَدِمَ مَعَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ لَهُ: عَلَيْكَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. فَقَصَدَهُ الدِّهْقَانُ، فَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ جَعْفَرٍ مُعَاوِيَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ تَكْمِلَةَ الْمِائَةِ حَاجَةٍ، وَأَمَرَ الْكَاتِبَ فَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ، وَخَرَجَ بِهِ ابْنُ جَعْفَرٍ إِلَى الدِّهْقَانِ، فَسَجَدَ لَهُ وَحَمَلَ إِلَيْهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ جَعْفَرٍ: اسْجُدْ لِلَّهِ، وَاحْمِلْ مَالَكَ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نُتْبِعُ الْمَعْرُوفَ بِالْمَنِّ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: لَأَنْ يَكُونَ يَزِيدُ قَالَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَرَاجِ الْعِرَاقِ، أَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ إِلَّا كَرَمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>