نَهَاهُمْ عَنْ هَذَا الصَّنِيعِ الْفَظِيعِ أَشَدَّ النَّهْيِ، وَزَجَرَهُمْ عَنْهُ أَتَمَّ الزَّجْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ} [طه: ٩٠] أَيْ; إِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ أَمَرَ هَذَا الْعِجْلِ، وَجَعَلَهُ يَخُورُ فِتْنَةً وَاخْتِبَارًا لَكُمْ. {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} [طه: ٩٠] أَيْ; لَا هَذَا الْعِجْلُ {فَاتَّبِعُونِي} [طه: ٩٠] أَيْ; فِيمَا أَقُولُ لَكُمْ، {وَأَطِيعُوا أَمْرِي - قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: ٩٠ - ٩١] يَشْهَدُ اللَّهُ لِهَارُونَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، أَنَّهُ نَهَاهُمْ وَزَجَرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يُطِيعُوهُ وَلَمْ يَتَّبِعُوهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى السَّامِرِيِّ {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ} [طه: ٩٥] أَيْ; مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ. {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} [طه: ٩٦] أَيْ; رَأَيْتُ جِبْرَائِيلَ، وَهُوَ رَاكِبٌ فَرَسًا {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} [طه: ٩٦] أَيْ; مِنْ أَثَرِ فَرَسِ جِبْرِيلَ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَآهُ وَكَانَ كُلَّمَا وَطِئَتْ بِحَوَافِرِهَا عَلَى مَوْضِعٍ، اخْضَرَّ وَأَعْشَبَ، فَأَخَذَ مِنْ أَثَرِ حَافِرِهَا، فَلَمَّا أَلْقَاهُ فِي هَذَا الْعِجْلِ الْمَصْنُوعِ مِنَ الذَّهَبِ، كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، وَلِهَذَا قَالَ: {فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي - قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} [طه: ٩٦ - ٩٧] وَهَذَا دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَمَسَّ أَحَدًا; مُعَاقَبَةً لَهُ عَلَى مَسِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسُّهُ. هَذَا مُعَاقَبَةٌ لَهُ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ تَوَعَّدَهُ فِي الْأُخْرَى فَقَالَ: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ} [طه: ٩٧] قُرِئَ: (لَنْ نُخْلِفَهُ) . {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: ٩٧] قَالَ: فَعَمَدَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلَى هَذَا الْعِجْلِ فَحَرَقَهُ، قِيلَ: بِالنَّارِ. كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute