الزُّبَيْرِ، فَلَمْ يُوجَدَا، فَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: عَجِلَ الْحُسَيْنُ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَلْفِتُهُ وَيُزْجِيهِ إِلَى الْعِرَاقِ لِيَخْلُوَ بِمَكَّةَ. فَقَدِمَا مَكَّةَ، فَنَزَلَ الْحُسَيْنُ دَارَ الْعَبَّاسِ، وَلَزِمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجْرَ، وَلَبِسَ الْمَعَافِرِيَّ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَغْدُو وَيَرُوحُ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدَمَ الْعِرَاقَ، وَيَقُولُ: هُمْ شِيعَتُكَ وَشِيعَةُ أَبِيكَ. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَقُولُ: لَا تَفْعَلْ. وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ: إِنِّي فِدَاؤُكَ وَأَبِي وَأُمِّي، فَأَمْتِعْنَا بِنَفْسِكَ وَلَا تَسِرْ إِلَى الْعِرَاقِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلَكَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ لَيَتَّخِذُونَا عَبِيدًا وَخَوَلًا. قَالُوا: وَلَقِيَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بِالْأَبْوَاءِ مُنْصَرِفِينَ مِنَ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ عُمَرَ: أُذَكِّرُكُمَا اللَّهَ إِلَّا رَجَعْتُمَا فَدَخَلْتُمَا فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ النَّاسُ، وَتَنْظُرَا، فَإِنِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ لَمْ تَشِذَّا، وَإِنِ افْتَرَقَ عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيدَانِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لَا تَخْرُجْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بَضْعَةٌ مِنْهُ وَلَا تَنَالُهَا. يَعْنِي الدُّنْيَا، وَاعْتَنَقَهُ وَبَكَى وَوَدَّعَهُ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: غَلَبَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْخُرُوجِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ عِبْرَةً، وَرَأَى مِنَ الْفِتْنَةِ وَخِذْلَانِ النَّاسِ لَهُمَا مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَلَّا يَتَحَرَّكَ مَا عَاشَ، وَأَنْ يَدْخُلَ فِي صَالِحِ مَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ خَيْرٌ. وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيدُ يا ابْنَ فَاطِمَةَ؟ فَقَالَ: الْعِرَاقَ وَشِيعَتِي. فَقَالَ: إِنِّي لَكَرِهٌ لِوَجْهِكَ هَذَا ; تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَطَعَنُوا أَخَاكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute