عَابِدِيهِ، فَقَتَلُوهُمْ، وَحَصَدُوهُمْ. فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَتَلُوا فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ سَبْعِينَ أَلْفًا. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: وَفِي نُسْخَتِهَا عَلَى أَنَّهَا تَكَسَّرَتْ، وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَكَسَّرَتْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ الْفُتُونِ، كَمَا سَيَأْتِي، أَنَّ عِبَادَتَهُمُ الْعِجْلَ كَانَتْ عَلَى أَثَرِ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْبَحْرِ، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ; لِأَنَّهُمْ حِينَ خَرَجُوا قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ.
وَهَكَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ عِبَادَتَهُمُ الْعِجْلَ كَانَتْ قَبْلَ مَجِيئِهِمْ بِلَادَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا بِقَتْلِ مَنْ عَبَدَ الْعِجْلَ، قَتَلُوا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ. ثُمَّ ذَهَبَ مُوسَى يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، فَغُفِرَ لَهُمْ، بِشَرْطِ أَنْ يَدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ.
وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الْأَعْرَافِ: ١٥٥ - ١٥٧].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute