وَقَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ: إِنَّمَا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْهَوْا قَوْمَهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ. وَقَوْلُهُ: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} [الأعراف: ١٥٥] أَيِ; اخْتِبَارُكَ، وَابْتِلَاؤُكَ، وَامْتِحَانُكَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ. يَعْنِي: أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ هَذَا، وَخَلَقْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْعِجْلِ، اخْتِبَارًا تَخْتَبِرُهُمْ بِهِ، كَمَا قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ} [طه: ٩٠] أَيِ ; اخْتُبِرْتُمْ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: {تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: ١٥٥] أَيْ ; مَنْ شِئْتَ أَضْلَلْتَهُ بِاخْتِبَارِكَ إِيَّاهُ، وَمَنْ شِئْتَ هَدَيْتَهُ، لَكَ الْحُكْمُ وَالْمَشِيئَةُ، فَلَا مَانِعَ وَلَا رَادَّ لِمَا حَكَمْتَ وَقَضَيْتَ. {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} [الأعراف: ١٥٥] .
{وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٦] أَيْ; تُبْنَا إِلَيْكَ وَرَجَعْنَا وَأَنَبْنَا. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي اللُّغَةِ. {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦] أَيْ; أَنَا أُعَذِّبُ مَنْ شِئْتُ بِمَا أَشَاءُ مِنَ الْأُمُورِ، الَّتِي أَخْلُقُهَا وَأُقَدِّرُهَا، {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦] كَمًّا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَتَبَ كِتَابًا، فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي» {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٥٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute