للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ أَحَدًا. وَدَعَا عَلَيْهِمْ دُعَاءً بَلِيغًا.

ثُمَّ جَاءَ شَمِرٌ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّجْعَانِ حَتَّى أَحَاطُوا بِالْحُسَيْنِ وَهُوَ عِنْدَ فُسْطَاطِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ أَحَدٌ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَجَاءَ غُلَامٌ يَشْتَدُّ مِنَ الْخِيَامِ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ فِي أُذُنَيْهِ دُرَّتَانِ تَذَبْذَبَانِ، فَخَرَجَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ لِتَرُدَّهُ فَامْتَنَعَ عَلَيْهَا، وَجَاءَ يُحَاجِفُ عَنْ عَمِّهِ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِالسَّيْفِ، فَاتَّقَاهُ بِيَدِهِ، فَأَطَنَّهَا سِوَى جِلْدَةٍ، فَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ. فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: يَا بُنَيَّ، احْتَسِبْ أَجْرَكَ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنَّكَ تَلْحَقُ بِآبَائِكَ الصَّالِحِينَ. ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْحُسَيْنِ الرِّجَالُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَهُوَ يَجُولُ فِيهِمْ بِالسَّيْفِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَيَتَنَافَرُونَ عَنْهُ كَتَنَافُرِ الْمِعْزَى عَنِ السَّبُعِ، وَخَرَجَتْ أُخْتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ فَاطِمَةَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَقُولُ: لَيْتَ السَّمَاءَ تَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ. وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، فَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَرَضِيتَ أَنْ يُقْتَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَنْتَ تَنْظُرُ؟ فَتَحَادَرَتِ الدُّمُوعُ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَصَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهَا، ثُمَّ جَعَلَ لَا يُقْدِمُ أَحَدٌ عَلَى قَتْلِهِ، حَتَّى نَادَى شَمِرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ: وَيْحَكُمْ! مَاذَا تَنْتَظِرُونَ بِالرَّجُلِ؟ اقْتُلُوهُ ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ. فَحَمَلَتِ الرِّجَالُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَضَرَبَهُ زُرْعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>