وَقَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ: إِنَّمَا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْهَوْا قَوْمَهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ. وَقَوْلُهُ: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أَيِ; اخْتِبَارُكَ، وَابْتِلَاؤُكَ، وَامْتِحَانُكَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ. يَعْنِي: أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ هَذَا، وَخَلَقْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْعِجْلِ، اخْتِبَارًا تَخْتَبِرُهُمْ بِهِ، كَمَا قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ: يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ أَيِ; اخْتُبِرْتُمْ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَيْ; مَنْ شِئْتَ أَضْلَلْتَهُ بِاخْتِبَارِكَ إِيَّاهُ، وَمَنْ شِئْتَ هَدَيْتَهُ، لَكَ الْحُكْمُ وَالْمَشِيئَةُ، فَلَا مَانِعَ وَلَا رَادَّ لِمَا حَكَمْتَ وَقَضَيْتَ. أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ.
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ أَيْ; تُبْنَا إِلَيْكَ وَرَجَعْنَا وَأَنَبْنَا. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي اللُّغَةِ. قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَيْ; أَنَا أُعَذِّبُ مَنْ شِئْتُ بِمَا أَشَاءُ مِنَ الْأُمُورِ، الَّتِي أَخْلُقُهَا وَأُقَدِّرُهَا، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ كَمًّا ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَتَبَ كِتَابًا، فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute