ثُمَّ أَمَرَ يَزِيدُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ رَجُلًا أَمِينًا، مَعَهُ رِجَالٌ وَخَيْلٌ، وَيَكُونُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَعَهُمْ، ثُمَّ أَنْزَلَ النِّسَاءَ عِنْدَ حَرَمِهِ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ، فَاسْتَقْبَلَهُنَّ نِسَاءُ آلِ مُعَاوِيَةَ يَبْكِينَ وَيَنُحْنَ عَلَى الْحُسَيْنِ، ثُمَّ أَقَمْنَ الْمَنَاحَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ يَزِيدُ لَا يَتَغَدَّى وَلَا يَتَعَشَّى إِلَّا وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وعَمْرُو بْنُ الْحَسَنِ، فَقَالَ يَزِيدُ يَوْمًا لِعَمْرٍو، وَهُوَ صَغِيرٌ جِدًّا: أَتُقَاتِلُ هَذَا؟ يَعْنِي ابْنَهُ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ، فَقَالَ: أَعْطِنِي سِكِّينًا وَأَعْطِهِ سِكِّينًا حَتَّى نَتَقَاتَلَ. فَأَخْذُهُ يَزِيدُ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُهَا مَنْ أَخْزَمَ، هَلْ تَلِدُ الْحَيَّةُ إِلَّا حَيَّةً؟ !
وَلَمَّا وَدَّعَهُمْ يَزِيدُ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: قَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي صَاحِبُهُ، مَا سَأَلَنِي خَصْلَةً إِلَّا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا، وَلَدَفَعْتُ الْحَتْفَ عَنْهُ بِكُلِّ مَا اسْتَطَعْتُ، وَلَوْ بِهَلَاكِ بَعْضِ وَلَدِي، وَلَكِنَّ اللَّهَ قَضَى مَا رَأَيْتَ. ثُمَّ جَهَّزَهُ وَأَعْطَاهُ مَالًا جَزِيلًا، وَقَالَ لَهُ: كَاتِبْنِي بِكُلِّ حَاجَةٍ تَكُونُ لَكَ، وَكَسَاهُمْ وَأَوْصَى بِهِمْ ذَلِكَ الرَّسُولَ. فَكَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ الَّذِي أَرْسَلَهُ مَعَهُنَّ يَسِيرُ بِمَعْزِلٍ عَنْهُنَّ مِنَ الطَّرِيقِ، ويبَعُدُ عَنْهُنَّ بِحَيْثُ يُدْرِكُهُنَّ طَرَفُهُ، وَهُوَ فِي خِدْمَتِهِنَّ حَتَّى وَصَلْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute