للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُقْتَلَ. فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَكُمْ. فَسَارَ فَلَقِيَهُ أَوَائِلُ خَيْلِ ابْنِ زِيَادٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَادَ إِلَى كَرْبَلَاءَ، فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى قَصْبَاءٍ وَخَلًا ; لِئَلَّا يُقَاتِلَ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، فَنَزَلَ وَضَرَبَ أَبْنِيَتَهُ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ فَارِسًا وَمِائَةَ رَاجِلٍ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَدْ وَلَّاهُ ابْنُ زِيَادٍ الرَّيَّ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ، فَقَالَ: اكْفِنِي هَذَا الرَّجُلَ. فَقَالَ: أَعْفِنِي. فَأَبَى أَنْ يُعْفِيَهُ. فَقَالَ: أَنْظِرْنِي اللَّيْلَةَ. فَأَخَّرَهُ فَنَظَرَ فِي أَمْرِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَيْهِ رَاضِيًا بِمَا أَمَرَهُ بِهِ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: اخْتَرْ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ ; إِمَّا أَنْ تَدَعُوَنِي فَأَنْصَرِفَ مِنْ حَيْثُ جِئْتُ، وَإِمَّا أَنْ تَدَعُوَنِي فَأَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ، وَإِمَّا أَنْ تَدَعُوَنِي فَأَلْحَقَ بِالثُّغُورِ. فَقَبِلَ ذَلِكَ عُمَرُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لَا وَلَا كَرَامَةَ حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِي. فَقَالَ الْحُسَيْنُ: لَا وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَدًا. فَقَاتَلَهُ، فَقُتِلَ أَصْحَابُ الْحُسَيْنِ كُلُّهُمْ، وَفِيهِمْ بِضْعَةَ عَشَرَ شَابًّا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَجَاءَهُ سَهْمٌ، فَأَصَابَ ابْنًا لَهُ مَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ دَعَوْنَا لِيَنْصُرُونَا، فَقَتَلُونَا. ثُمَّ أَمَرَ بِحِبَرَةٍ فَشَقَّهَا، ثُمَّ لَبِسَهَا وَخَرَجَ بِسَيْفِهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ مَذْحِجٍ، وَحَزَّ رَأْسَهُ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ

أَوْقِرْ رِكَابِي فِضَّةً وَذَهَبًا ... فَقَدْ قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمًّا وَأَبَا ... وَخَيْرَهُمْ إِذْ يُنْسَبُونَ نَسَبًا

قَالَ: «فَأَوْفَدَهُ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعِنْدَهُ أَبُو بَرْزَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>