رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ. وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْلَعْ يَزِيدَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَدْ سُئِلَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ، وَنَاظَرَهُمْ وَجَادَلَهُمْ فِي يَزِيدَ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ مَا اتَّهَمُوهُ بِهِ مِنْ شُرْبِهِ الْخَمْرَ وَتَرْكِهِ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ، كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي تَرْجَمَةِ يَزِيدَ قَرِيبًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَكَتَبَ بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى يَزِيدَ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْحَصْرِ وَالْإِهَانَةِ، وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ مَنْ يُنْقِذُهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ وَإِلَّا اسْتُؤْصِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَبَعَثُوا ذَلِكَ مَعَ الْبَرِيدِ، فَلَمَّا قَدِمَ بِذَلِكَ عَلَى يَزِيدَ وَجَدَهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرِهِ وَرِجْلَاهُ فِي مَاءٍ يَتَبَرَّدُ مِمَّا بِهِ مِنَ النِّقْرِسِ فِي رِجْلَيْهِ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ انْزَعَجَ لِذَلِكَ، وَقَالَ: وَيْلَكَ! أَمَا فِيهِمْ أَلْفُ رَجُلٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَفَلَا قَاتَلُوا وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ؟ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَاسْتَشَارَهُ فِيمَنْ يَبْعَثُهُ إِلَيْهِمْ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَأَبَى وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَلَنِي عَنْهَا وَهِيَ مَضْبُوطَةٌ، وَأُمُورُهَا مُحْكَمَةٌ، فَأَمَّا الْآنَ فَإِنَّمَا هِيَ دِمَاءُ قُرَيْشٍ تُرَاقُ بِالصَّعِيدِ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَتَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهُمْ، لِيَتَوَلَّ ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ مِنِّي. قَالَ: فَبَعَثَ الْبَرِيدُ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ، فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ، وَأَرْسَلَ مَعَهُ يَزِيدُ عَشَرَةَ آلَافِ فَارِسٍ وَقِيلَ: اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَنَادَى مُنَادِي يَزِيدَ بِدِمَشْقَ أَنْ سِيرُوا عَلَى أَخْذِ أَعْطِيَاتِكُمْ كَامِلًا وَمَعُونَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا. قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute