للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا مَاتَ لَمْ تُفْلِحْ مُزَيْنَةُ بَعْدَهُ ... فَنُوطِي عَلَيْهِ يَا مُزَيْنُ التَّمَائِمَا

وَانْطَلَقَ يَزِيدُ يَمْشِي وَفَاخِتَةُ تُتْبِعُهُ بَصَرَهَا، ثُمَّ قَالَتْ: لَعَنَ اللَّهُ سَوَادَ سَاقَيْ أُمِّكَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَخَيْرٌ مِنِ ابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ - وَهُوَ وَلَدُهُ مِنْهَا، وَكَانَ أَحْمَقَ - فَقَالَتْ فَاخِتَةُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنَّكَ تُؤْثِرُ هَذَا عَلَيْهِ. فَقَالَ: سَوْفَ أُبَيِّنُ لَكِ ذَلِكَ حَتَّى تَعْرِفِيهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومِي مِنْ مَجْلِسِكِ هَذَا. ثُمَّ اسْتَدْعَى بِابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُعْطِيَكَ كُلَّ مَا تَسْأَلُنِي فِي هَذَا الْمَجْلِسِ. فَقَالَ: حَاجَتِي أَنْ تَشْتَرِيَ لِي كَلْبًا فَارِهًا وَحِمَارًا. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَنْتَ حِمَارٌ وَيُشْتَرَى لَكَ حِمَارٌ؟ ! قُمْ فَاخْرُجْ. ثُمَّ قَالَ لِأُمِّهِ: كَيْفَ رَأَيْتِ؟ ثُمَّ اسْتَدْعَى بِيَزِيدَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُعْطِيَكَ كُلَّ مَا تَسْأَلُنِي فِي مَجْلِسِكَ هَذَا، فَسَلْنِي مَا بَدَا لَكَ. فَخَرَّ يَزِيدُ سَاجِدًا، ثُمَّ قَالَ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ الْمُدَّةَ، وَأَرَاهُ فِي هَذَا الرَّأْيِ، حَاجَتِي أَنْ تَعْقِدَ لِيَ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِكَ، وَتُوَلِّيَنِي الْعَامَ صَائِفَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَأْذَنَ لِي فِي الْحَجِّ إِذَا رَجَعْتَ، وَتُوَلِّيَنِي الْمَوْسِمَ، وَتَزِيدَ أَهْلَ الشَّامِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِكُلِّ رَجُلٍ، وَتَجْعَلَ ذَلِكَ بِشَفَاعَتِي، وَتَفْرِضَ لِأَيْتَامِ بَنِي جُمَحٍ، وَأَيْتَامِ بَنِي سَهْمٍ، وَأَيْتَامِ بَنِي عَدِيٍّ. فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِأَيْتَامِ بَنِي عَدِيٍّ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهُمْ حَالَفُونِي وَانْتَقَلُوا إِلَى دَارِي. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ. وَقَبَّلَ وَجْهَهُ. ثُمَّ قَالَ لِابْنَةِ قَرَظَةَ: كَيْفَ رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْصِهِ بِي فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي. فَفَعَلَ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا قَالَ لَهُ أَبُوهُ: سَلْنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>