للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَذَّةُ الْأَحْمَقِ مَكْشُوفَةٌ ... يَشْفَى بِهَا كُلُّ عَدُوٍّ غَرِيبِ

قُلْتُ: وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ".

وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ وَالْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَفَدَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ ابْنَهُ يَزِيدَ أَنْ يَأْتِيَهُ فَيُعَزِّيَهُ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَحَّبَ بِهِ وَأَكْرَمَهُ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَرَادَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يَرْفَعَ مَجْلِسَهُ، فَأَبَى وَقَالَ: إِنَّمَا أَجْلِسُ مَجْلِسَ الْمُعَزِّي لَا الْمُهَنِّي. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَسَنَ، فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَوْسَعَ الرَّحْمَةِ وَأَفْسَحَهَا، وَأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَعَوَّضَكَ مِنْ مُصَابِكَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبَى. فَلَمَّا نَهَضَ يَزِيدُ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا ذَهَبَ بَنُو حَرْبٍ ذَهَبَ حُلَمَاءُ النَّاسِ. ثُمَّ أَنْشَدَ مُتَمَثِّلًا:

مَغَاضٍ عَنِ الْعَوْرَاءِ لَا يَنْطِقُونَهَا ... وَأَهْلُ وِرَاثَاتِ الْحُلُومِ الْأَوَائِلِ

وَقَدْ كَانَ يَزِيدُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: سَنَةَ خَمْسِينَ. ثُمَّ حَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بَعْدَ مَرْجِعِهِ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَوَّلُ جَيْشٍ يَغْزُو مَدِينَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>