للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ شَاءَ لَبَعَثَ إِلَيْكَ بِرَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَوْ يُحَاصِرُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنَ الْحَرَمِ. فَبَعَثَ فَعَزَلَهُ، وَوَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ. فَأَقَامَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَحَلَفَ يَزِيدُ لَيَبْعَثَنَّ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَيُؤْتَيَنَّ بِهِ فِي سِلْسِلَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَبَعَثَ بِهَا مَعَ الْبَرِيدِ وَمَعَهُ بُرْنُسٌ مِنْ خَزٍّ; لِتَبَرَّ يَمِينُهُ، فَلَمَّا مَرَّ الْبَرِيدُ عَلَى مَرْوَانَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ قَاصِدٌ لَهُ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْغُلِّ أَنْشَأَ مَرْوَانُ يَقُولُ:

فَخُذْهَا فَمَا هِيَ لَلْعَزِيزِ بِخُطَّةٍ … وَفِيهَا مَقَالٌ لَامْرِئٍ مُتَذَلِّلِ

أَعَامِرَ إِنَّ الْقَوْمَ سَامُوكَ خُطَّةً … وَذَلِكَ فِي الْجِيرَانِ غَزْلٌ بِمِغْزَلِ

أَرَاكَ إِذَا مَا كُنْتَ فِي الْقَوْمِ نَاصِحًا … يُقَالُ لَهُ بِالدَّلْوِ أَدْبِرْ وَأَقْبِلِ

فَلَمَّا انْتَهَتِ الرُّسُلُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، بَعَثَ مَرْوَانُ ابْنَيْهِ عَبْدَ الْمَلِكِ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ لَيَحْضُرَا مُرَاجَعَتَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: أَسْمِعَاهُ قَوْلِي فِي ذَلِكَ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَلَمَّا جَلَسَ الرُّسُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ جَعَلْتُ أُنْشِدُهُ ذَلِكَ وَهُوَ يَسْمَعُ وَلَا أُشْعِرُهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: أَخْبِرَا أَبَاكُمَا أَنِّي أَقُولُ:

إِنِّي لَمِنْ نَبْعَةٍ صُمٍّ مَكَاسِرُهَا … إِذَا تَنَاوَحَتِ الْقَصْبَاءُ وَالْعُشَرُ

وَلَا أَلِينُ لَغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ … حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرُ

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَمَا أَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ أَعْجَبَ!

قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ حَجَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>