{ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: ٧٠] فَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ: «لَوْلَا أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْتَثْنَوْا لَمَا أُعْطُوا» وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١] وَهَذِهِ الصِّفَاتُ أَضْيَقُ مِمَّا تَقَدَّمَ، حَيْثُ أُمِرُوا بِذَبْحِ بَقَرَةٍ، لَيْسَتْ بِالذَّلُولِ، وَهِيَ الْمُذَلَّلَةُ بِالْحِرَاثَةِ وَسَقْيِ الْأَرْضِ بِالسَّانِيَةِ، مُسَلَّمَةٌ; وَهِيَ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا عَيْبَ فِيهَا. قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَقَتَادَةُ. وَقَوْلُهُ: {لَا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة: ٧١] أَيْ; لَيْسَ فِيهَا لَوْنٌ يُخَالِفُ لَوْنَهَا بَلْ هِيَ مُسَلَّمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ وَمِنْ مُخَالَطَةِ سَائِرِ الْأَلْوَانِ غَيْرِ لَوْنِهَا، فَلَمَّا حَدَّدَهَا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَحَصَرَهَا بِهَذِهِ النُّعُوتِ وَالْأَوْصَافِ، {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} [البقرة: ٧١] وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا هَذِهِ الْبَقَرَةَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إِلَّا عِنْدَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، كَانَ بَارًّا بِأَبِيهِ، فَطَلَبُوهَا مِنْهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَأَرْغَبُوهُ فِي ثَمَنِهَا، حَتَّى - أَعْطَوْهُ فِيمَا ذَكَرَ السُّدِّيُّ - بِوَزْنِهَا ذَهَبًا، فَأَبَى عَلَيْهِمْ حَتَّى أَعْطَوْهُ بِوَزْنِهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، فَبَاعَهَا مِنْهُمْ، فَأَمَرَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ مُوسَى بِذَبْحِهَا، {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١] أَيْ; وَهُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي أَمْرِهَا. ثُمَّ أَمَرَهُمْ عَنِ اللَّهِ أَنْ يَضْرِبُوا ذَلِكَ الْقَتِيلَ بِبَعْضِهَا، قِيلَ: بِلَحْمِ فَخِذِهَا. وَقِيلَ: بِالْعَظْمِ الَّذِي يَلِي الْغُضْرُوفَ. وَقِيلَ: بِالْبِضْعَةِ الَّتِي بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، فَلَمَّا ضَرَبُوهُ بِبَعْضِهَا أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَامَ وَهُوَ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ، فَسَأَلَهُ نَبِيُّ اللَّهِ: مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ قَتَلَنِي ابْنُ أَخِي. ثُمَّ عَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute