وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَيُقَالُ: إِنَّهُ سُقِيَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ طُعِنَ.
وَقَدْ حَضَرَ مَرْوَانُ دَفْنَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَالَ مَرْوَانُ: أَتَدْرُونَ مَنْ دَفَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ. فَقَالَ مَرْوَانُ: هُوَ أَبُو لَيْلَى الَّذِي قَالَ فِيهِ أَزْنَمُ الْفَزَارِيُّ:
إِنِّي أَرَى فِتْنَةً تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
قَالُوا: كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ. وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا لَيْلَى تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ عَهْدٍ مِنْهُ إِلَى أَحَدٍ فَتَغَلَّبَ عَلَى الْحِجَازِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلَى دِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَبَايَعَ أَهْلُ خُرَاسَانَ سَلْمَ بْنَ زِيَادٍ حَتَّى يَتَوَلَّى عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةٌ، فَسَارَ فِيهِمْ سَلْمٌ سِيرَةً حَسَنَةً أَحَبُّوهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَخَرَجَ الْقُرَّاءُ وَالْخَوَارِجُ بِالْبَصْرَةِ، وَعَلَيْهِمْ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ، وَطَرَدُوا عَنْهُمْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ - بَعْدَ مَا كَانُوا بَايَعُوهُ عَلَيْهِمْ - حَتَّى يَصِيرَ لِلنَّاسِ إِمَامٌ، فَذَهَبَ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ فُصُولٍ يَطُولُ ذَكَرُهَا، وَقَدْ بَايَعُوا بَعْدَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْمَعْرُوفَ بِبَبَّةَ، وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَدْ جَعَلَ عَلَى شُرْطَةِ الْبَصْرَةِ هِمْيَانَ بْنَ عَدِيٍّ السَّدُوسِيَّ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَقَدْ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَبَايَعْتُ أَقْوَامًا وَفَيْتُ بِعَهْدِهِمْ ... وَبَبَّةُ قَدْ بَايَعْتُهُ غَيْرَ نَادِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute