للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِجْلَائِهِمْ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَسَارَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَذَرِعَاتٍ، فَلَقِيَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلًا مِنَ الْعِرَاقِ، فَاجْتَمَعَ بِهِ، وَمَعَهُ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَحَسَّنُوا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى نَفْسِهِ ; فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ الَّذِي قَدْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَخَلَعَ ثَلَاثَةً مِنَ الْخُلَفَاءِ، فَلَمْ يَزَالُوا بِمَرْوَانَ حَتَّى أَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: وَأَنَا أَذْهَبُ لَكَ إِلَى الضَّحَّاكِ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَخْدَعُهُ لَكَ وَأَخْذُلُ أَمْرَهُ. فَسَارَ إِلَيْهِ وَجَعَلَ يَرْكَبُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ، وَيُظْهِرُ لَهُ الْوُدَّ وَالنَّصِيحَةَ وَالْمَحَبَّةَ، ثُمَّ حَسَّنَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى نَفْسِهِ، وَيَخْلَعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَإِنَّكَ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْهُ ; لِأَنَّكَ لَمْ تَزَلْ فِي الطَّاعَةِ مَشْهُورًا بِالْأَمَانَةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ خَارِجٌ عَنِ النَّاسِ. فَدَعَا الضَّحَّاكُ النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمْ يَصْعَدْ مَعَهُ، فَرَجَعَ إِلَى الدَّعْوَةِ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَكِنِ انْحَطَّ بِهَا عِنْدَ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ: إِنَّ مَنْ يَطْلُبُ مَا تَطْلُبُ لَا يَنْزِلُ الْمُدُنَ وَالْحُصُونَ، وَإِنَّمَا يَنْزِلُ الصَّحْرَاءَ، وَيَدْعُو بِالْجُنُودِ. فَبَرَزَ الضَّحَّاكُ إِلَى مَرْجِ رَاهِطٍ فَنَزَلَهُ، وَأَقَامَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِدِمَشْقَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ، وَخَالِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ خَالِهِمْ حَسَّانَ بِالْجَابِيَةِ، فَكَتَبَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى مَرْوَانَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُظْهِرَ دَعْوَتَهُ، فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهِيَ أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَعَظُمَ أَمْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>