للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَخْرُجُونَ مِنَ الْآخَرِ، وَلَأَلْصَقْتُ بَابَهَا بِالْأَرْضِ، فَإِنَّ قَوْمَكِ رَفَعُوا بَابَهَا لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا» ". فَبَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَخْبَرَتْهُ بِهِ خَالَتُهُ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا. ثُمَّ لَمَّا غَلَبَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، كَمَا سَيَأْتِي، وَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ هَدَمَ الْحَائِطَ الشَّمَالِيَّ وَأَخْرَجَ الْحَجَرَ كَمَا كَانَ أَوَّلًا، وَأَدْخَلَ الْحِجَارَةَ الَّتِي هَدَمَهَا إِلَى جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَرَضَّهَا فِيهَا، فَارْتَفَعَ الْبَابُ، وَسَدَّ الْغَرْبِيَّ، وَتِلْكَ آثَارُهُ إِلَى الْآنَ، وَذَلِكَ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: وَدِدْنَا أَنَّا تَرَكْنَاهُ وَمَا تَوَلَّى مِنْ ذَلِكَ.

وَقَدْ هَمَّ الْمَهْدِيُّ بْنُ الْمَنْصُورِ الْعَبَّاسِيُّ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَى مَا بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَاسْتَشَارَ الْإِمَامَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَهَا الْمُلُوكُ مَلْعَبَةً. يَعْنِي يَتَلَاعَبُونَ فِي بِنَائِهَا بِحَسْبِ آرَائِهِمْ، فَهَذَا يَرَى رَأْيَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهَذَا يَرَى رَأْيَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>