للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُرْيَانُ فَأَنْذَرَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا بَعْدَمَا أَعْطَانِي مِنَ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ؟ وَكَانَ الْمُخْتَارُ حِينَ قَدِمَ الْكُوفَةَ أَحْسَنَ السِّيرَةَ إِلَى أَهْلِهَا أَوَّلًا، وَكَتَبَ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ كِتَابَ أَمَانٍ إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ حَدَثًا. قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ يَقُولُ: إِنَّمَا أَرَادَ الْمُخْتَارُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ الْكَنِيفَ فَيُحَدِثَ فِيهِ. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ قَلِقَ أَيْضًا، ثُمَّ جَعَلَ يَتَنَقَّلُ مِنْ مَحَلَّةٍ إِلَى مَحَلَّةٍ، ثُمَّ صَارَ أَمْرُهُ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى دَارِهِ، وَقَدْ بَلَغَ الْمُخْتَارَ انْتِقَالُهُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ، فَقَالَ: كَلَّا وَاللَّهِ، إِنَّ فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةً تَرُدُّهُ لَوْ جَهِدَ أَنْ يَنْطَلِقَ مَا اسْتَطَاعَ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَبَعْثَ إِلَيْهِ أَبَا عَمْرَةَ، فَدَخْلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَجِبِ الْأَمِيرَ، فَقَامَ عُمَرُ، فَعَثَرَ فِي جُبَّتِهِ، فَضَرَبَهُ أَبُو عَمْرَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ، وَجَاءَ بِرَأْسِهِ فِي أَسْفَلِ قَبَائِهِ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُخْتَارِ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ لِابْنِهِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ - وَكَانَ جَالِسًا عِنْدَ الْمُخْتَارِ -: أَتَعْرِفُ هَذَا الرَّأْسَ؟ فَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ: نَعَمْ، وَلَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَوُضِعَ رَأْسُهُ مَعَ رَأْسِ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ الْمُخْتَارُ هَذَا بِالْحُسَيْنِ، وَهَذَا بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَكْبَرِ، وَلَا سَوَاءَ، وَاللَّهِ لَوْ قَتَلْتُ بِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ قُرَيْشٍ مَا وَفُّوا أُنْمُلَةً مِنْ أَنَامِلِهِ. ثُمَّ بَعَثَ الْمُخْتَارُ بِرَأْسَيْهِمَا إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا فِي ذَلِكَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>