للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى ابْنِ زِيَادٍ، وَهُوَ فِي جَيْشٍ أَعْظَمَ مِنْ جَيْشِ الْمُخْتَارِ بِأَضْعَافٍ، كَانُوا سِتِّينَ أَلْفًا، وَقِيلَ: ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَقَتَلَ ابْنُ الْأَشْتَرِ بْنَ زِيَادٍ وَكَسَرَ جَيْشَهُ، وَاحْتَازَ مَا فِي مُعَسْكَرِهِ، - وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ -، ثُمَّ بَعَثَ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَرُءُوسِ أَصْحَابِهِ مَعَ الْبِشَارَةِ إِلَى الْمُخْتَارِ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا. ثُمَّ إِنَّ الْمُخْتَارَ بَعْثَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَرَأْسِ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ وَمَنْ مَعَهُمَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ فَأَمَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَا فَنُصِبَتْ عَلَى عَقَبَةِ الْحَجُونَ، وَقَدْ كَانُوا نَصَبُوهَا بِالْمَدِينَةِ.

وَطَابَتْ نَفْسُ الْمُخْتَارِ بِالْمُلْكِ وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَدُوٌّ وَلَا مُنَازِعٌ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ تَبَيَّنَ خِدَاعَهُ وَمَكْرَهُ وَسُوءَ مَذْهَبِهِ، فَبَعَثَ أَخَاهُ مُصْعَبًا أَمِيرًا عَلَى الْعِرَاقِ، فَسَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا، وَوَفَدَ إِلَيْهِ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْكُوفَةِ فَلَمْ يَتِمَّ سُرُورُ الْمُخْتَارِ حَتَّى سَارَ إِلَيْهِ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي جَيْشٍ هَائِلٍ فَحَاصَرَهُ بِالْكُوفَةِ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَمَا زَالَ حَتَّى أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ، فَقَتَلَهُ وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، وَأَمَرَ بِصَلْبِ كَفِّهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَبَعَثَ مُصْعَبٌ بِرَأْسِ الْمُخْتَارِ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الشُّرَطِ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَصَلَ مَكَّةَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَوَجَدَ عَبْدَ اللَّهِ يَتَنَفَّلُ، فَمَا زَالَ يُصَلِّي حَتَّى أَسْحَرَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْبَرِيدِ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبَ الْفَجْرِ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَأَلْقَى إِلَيْهِ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَعِي الرَّأْسُ. فَقَالَ: أَلْقِهِ عَلَى بَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>