الْجَيْشَانِ بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى أُمَرَاءِ مُصْعَبٍ بِكُتُبٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَيَعِدُهُمُ الْوِلَايَاتِ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ إِلَى مُصْعَبٍ فَأَلْقَى إِلَيْهِ كِتَابًا مَخْتُومًا، وَقَالَ: هَذَا جَاءَنِي مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ. فَفَتَحَهُ فَإِذَا هُوَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِتْيَانِ إِلَيْهِ، وَلَهُ نِيَابَةُ الْعِرَاقِ. وَقَالَ لِمُصْعَبٍ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أُمَرَائِكَ إِلَّا وَقَدْ جَاءَهُ كِتَابٌ مِثْلُ هَذَا فَإِنْ أَطَعْتَنِي ضَرَبْتُ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: إِنِّي لَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ لَمْ تَنْصَحْنَا عَشَائِرُهُمْ بَعْدَهُمْ. فَقَالَ: فَأَوَقِرْهُمْ فِي الْحَدِيدِ وَابْعَثْهُمْ إِلَى أَبْيَضِ كِسْرَى فَاسْجُنْهُمْ فِيهِ، وَوَكِّلْ بِهِمْ مَنْ إِنْ غُلِبْتَ ضَرَبَ أَعْنُقَهُمْ، وَإِنْ غَلَبْتَ مَنَنْتَ بِهِمْ عَلَى عَشَائِرَهُمْ. فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا النُّعْمَانِ، إِنِّي لَفِي شُغْلٍ عَنْ هَذَا. ثُمَّ قَالَ مُصْعَبٌ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَحْرٍ - يَعْنِي الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ - إِنْ كَانَ لِيُحَذِّرُنِي غَدْرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَكَأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ الْآنَ.
ثُمَّ تَوَاجَهَ الْجَيْشَانِ بِدَيْرِ الْجَاثَلِيقِ مِنْ مَسْكِنٍ، فَحَمَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ - وَهُوَ أَمِيرُ الْمُقَدِّمَةِ الْعِرَاقِيَّةِ لِجَيْشِ مُصْعَبٍ - عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ - وَهُوَ أَمِيرُ مُقَدِّمَةِ الشَّامِ - فَأَزَالَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، فَأَرْدَفَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَحَمَلُوا عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَمَنْ مَعَهُ فَطَحَنُوهُمْ، وَقُتِلَ إِبْرَاهِيمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute