للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ فَتَرَكَهُ.

وَمِنْ كَلَامِ مُصْعَبٍ فِي التَّوَاضُعِ أَنَّهُ قَالَ: الْعَجَبُ مِنِ ابْنِ آدَمَ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ، وَقَدْ جَرَى فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ؟ !

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ: سُئِلَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُصْعَبٍ فَقَالَ: كَانَ نَبِيلًا رَئِيسًا نَفِيسًا أَنِيسًا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ الْمُخْتَارُ قَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ خَمْسَةَ آلَافٍ وَقِيلَ سَبْعَةَ آلَافٍ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ ابْنُ عُمَرَ ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدِ انْضَرَّ فِي عَيْنَيْهِ فَتَعَرَّفَ لَهُ حَتَّى عَرَفَهُ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي قَتَلَتْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ خَمْسَةَ آلَافٍ مِمَّنْ يُوَحِّدُ اللَّهَ؟ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ بِأَنَّهُمْ بَايَعُوا الْمُخْتَارَ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مُسْتَكْرَهٌ أَوْ جَاهِلٌ فَيُنْظَرَ حَتَّى يَتُوبَ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى غَنَمِ الزُّبَيْرِ فَنَحَرَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافٍ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ أَمَا كَانَ مُسْرِفًا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: وَهِيَ لَا تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تَعْرِفُهُ كَمَا يَعْرِفُهُ الْآدَمِيُّ وَيَعْبُدُهُ؛ فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ مُوَحِّدٌ؟ ! ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، تَمَتَّعْ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الدُّنْيَا مَا اسْتَطَعْتَ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: عِشْ مَا اسْتَطَعْتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>