مُجَاهِدٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُطِيقُ مَا يُطِيقُهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْعِبَادَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ مَرَّةً فَطَبَّقَ الْبَيْتَ، فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَطُوفُ سِبَاحَةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لَا يُنَازَعُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْعِبَادَةِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَالْفَصَاحَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُثْمَانَ جَعَلَهُ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ نَسَخُوا الْمَصَاحِفَ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَذَكَرَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي خُطَبَاءِ الْإِسْلَامِ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَابْنِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً يَمَانِيًّا عَدَنِيًّا يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ صَيِّتًا ; إِذَا خَطَبَ يُجَاوِبُهُ الْجَبَلَانِ أَبُو قُبَيْسٍ، وَزَرُودُ.
وَكَانَ آدَمَ نَحِيفًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ، وَكَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، مُجْتَهِدًا، شَهْمًا، فَصِيحًا، صَوَّامًا قَوَّامًا، شَدِيدَ الْبَأْسِ، ذَا أَنَفَةٍ، لَهُ نَفْسٌ شَرِيفَةٌ وَهِمَّةٌ عَالِيَةٌ، وَكَانَ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ، لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مِنَ الشَّعْرِ إِلَّا قَلِيلًا، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ، وَكَانَ لَهُ لِحْيَةٌ صَفْرَاءُ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ قِتَالَ الْبَرْبَرِ ; وَكَانُوا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، وَالْمُسْلِمُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا، فَأَحَاطُوا بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute