للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» . فَالزَّمَانُ الْمُحَقِّقُ يَنْقَسِمُ إِلَى لَيْلٍ وَنَهَارٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا غَيْرُهُمَا ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [فاطر: ١٣] . أَيْ: يُولِجُ مِنْ هَذَا فِي هَذَا أَيْ: يَأْخُذُ مِنْ طُولِ هَذَا فِي قَصْرِ هَذَا فَيَعْتَدِلَانِ كَمَا فِي أَوَّلِ فَصْلِ الرَّبِيعِ ; يَكُونُ اللَّيْلُ قَبْلَ ذَلِكَ طَوِيلًا وَالنَّهَارُ قَصِيرًا، فَلَا يَزَالُ اللَّيْلُ يَنْقُصُ وَالنَّهَارُ يَتَزَايَدُ حَتَّى يَعْتَدِلَا وَهُوَ أَوَّلُ الرَّبِيعِ، ثُمَّ يَشْرَعُ النَّهَارُ يَطُولُ وَيَتَزَايَدُ، وَاللَّيْلُ يَتَنَاقَصُ إِلَى آخِرِ فَصْلِ الرَّبِيعِ، ثُمَّ يَتَرَاجَعُ الْأَمْرُ وَيَنْعَكِسُ الْحَالُ فَيَشْرَعُ النَّهَارُ يَتَنَاقَصُ وَاللَّيْلُ فِي ازْدِيَادٍ حَتَّى يَعْتَدِلَا أَيْضًا فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْخَرِيفِ، ثُمَّ يَشْرَعُ اللَّيْلُ يَطُولُ وَيَقْصُرُ النَّهَارُ إِلَى آخِرِ فَصْلِ الْخَرِيفِ، ثُمَّ يَتَرَجَّحُ النَّهَارُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَيَتَنَاقَصُ اللَّيْلُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَعْتَدِلَا فِي أَوَّلِ فَصْلِ الرَّبِيعِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَهَكَذَا فِي كُلِّ عَامٍ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [المؤمنون: ٨٠] . أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْحَاكِمُ الَّذِي لَا يُخَالِفُ وَلَا يُمَانِعُ ; وَلِهَذَا يَقُولُ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ عِنْدَ ذِكْرِ السَّمَاوَاتِ، وَالنُّجُومِ، وَاللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: ٩٦] . أَيِ الْعَزِيزِ الَّذِي قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ، وَدَانَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ فَلَا يُمَانَعُ، وَلَا يُغَالَبُ، الْعَلِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، فَقَدَّرَ كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيرًا عَلَى نِظَامٍ لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَضْطَرِبُ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>