وَقْعَ إِلَى الْأَرْضِ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ انْتَهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ، وَابْتَدَرَهُ النَّاسُ، فَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَضَرَبَ الرَّجُلَ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْسَرِ، وَجَعَلَ يَضْرِبُ وَمَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْتَهِضَ حَتَّى كَثُرُوا عَلَيْهِ، فَابْتَدَرُوهُ بِالسُّيُوفِ، فَقَتَلُوهُ ﵁، وَجَاءُوا إِلَى الْحَجَّاجِ فَأَخْبَرُوهُ، فَخَرَّ سَاجِدًا - قَبَّحَهُ اللَّهُ - ثُمَّ قَامَ هُوَ وَطَارِقُ بْنُ عَمْرٍو حَتَّى وَقَفَا عَلَيْهِ، وَهُوَ صَرِيعٌ، فَقَالَ طَارِقُ: مَا وَلَدَتِ النِّسَاءُ أَذْكَرَ مِنْ هَذَا. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: تَمْدَحُ مَنْ يُخَالِفُ طَاعَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ أَعْذَرُ لَنَا; إِنَّا مُحَاصِرُوهُ وَلَيْسَ هُوَ فِي حِصْنٍ وَلَا خَنْدَقٍ وَلَا مَنَعَةٍ يَنْتَصِفُ مِنَّا، بَلْ يُفَضَّلُ عَلَيْنَا فِي كُلِّ مَوْقِفٍ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ صَوَّبَ طَارِقًا.
وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ارْتَجَّتْ مَكَّةَ بُكَاءً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ﵀، فَخَطَبَ الْحَجَّاجُ النَّاسَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ مِنْ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَتَّى رَغِبَ فِي الْخِلَافَةِ، وَنَازَعَهَا أَهْلَهَا، وَأَلْحَدَ فِي الْحَرَمِ، فَأَذَاقَهُ اللَّهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، وَإِنَّ آدَمَ كَانَ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ أَشْرَفُ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ وَأَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ، قُومُوا إِلَى صَلَاتِكُمْ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute