للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّآلِيءِ فِي مَعْبَدِهِمْ، وَعِنْدَ مُصَلَّاهُمْ، فَأَمَّا فِي شَرِيعَتِنَا فَلَا، بَلْ قَدْ نُهِينَا عَنْ زَخْرَفَةِ الْمَسَاجِدِ وَتَزْيِينِهَا; لِئَلَّا تَشْغَلَ الْمُصَلِّينَ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا وَسَّعَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلَّذِي وَكَّلَهُ عَلَى عِمَارَتِهِ: ابْنِ لِلنَّاسِ مَا يُكِنُّهُمْ وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى كَنَائِسَهُمْ.

وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ وَالتَّنْزِيهِ، فَهَذِهِ الْأُمَّةُ غَيْرُ مُشَابِهَةٍ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ; إِذْ جَمَعَ اللَّهُ هَمَّهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ، وَصَانَ أَبْصَارَهُمْ وَخَوَاطِرَهُمْ عَنِ الِاشْتِغَالِ وَالتَّفَكُّرِ فِي غَيْرِ مَا هُمْ بِصَدَدِهِ مِنَ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَدْ كَانَتْ قُبَّةُ الزَّمَانِ هَذِهِ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التِّيهِ، يُصَلُّونَ إِلَيْهَا، وَهِيَ قِبْلَتُهُمْ وَكَعْبَتُهُمْ، وَإِمَامُهُمْ كَلِيمُ اللَّهِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمُقَدِّمُ الْقُرْبَانِ أَخُوهُ هَارُونُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَلَمَّا مَاتَ هَارُونُ، ثُمَّ مُوسَى، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، اسْتَمَرَّتْ بَنُو هَارُونَ فِي الَّذِي كَانَ يَلِيهِ أَبُوهُمْ مِنْ أَمْرِ الْقُرْبَانِ، وَهُوَ فِيهِمْ إِلَى الْآنَ، وَقَامَ بِأَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ بَعْدَ مُوسَى وَتَدْبِيرِ الْأَمْرِ بَعْدَهُ، فَتَاهَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ بِهِمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ; كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>