الَّذِي يَصْنَعُ لَهُ الطَّعَامَ: عَجِّلْ بِهِ. فَلَمَّا اسْتَوَى أَكَلَهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةً تَامَّةً بِتَطْوِيلٍ وَطُمَأْنِينَةٍ، ثُمَّ لَبِسَ دِرْعَهُ، وَتَقَلَّدَ سَيْفَيْنِ، وَأَخَذَ عَمُودَ حَدِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: أَسْرِجُوا لِي الْبَغْلَةَ. فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ مُصَادٌ: أَفِي هَذَا الْيَوْمِ تَرْكَبُ بَغْلَةً، وَقَدْ أَحَاطَ بِكَ الْأَعْدَاءُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَكِبَهَا، ثُمَّ فَتَحَ بَابَ الدَّيْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا أَبُو الْمُدَلَّهِ، لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، وَتَقَدَّمَ إِلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ الَّذِي تَقَدَّمُوا إِلَيْهِ، فَضَرَبَهُ بِالْعَمُودِ الْحَدِيدِ فَقَتَلَهُ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُجَالِدِ، وَحَمَلَ عَلَى الْجَيْشِ الْآخَرِ الْكَثِيفِ فَصَرَعَ أَمِيرَهُ، وَهَرَبَ النَّاسُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَلَجَئُوا إِلَى الْكُوفَةِ، وَمَضَى شَبِيبٌ حَتَّى أَغَارَ عَلَى أَسْفَلِ الْفُرَاتِ، وَقَتَلَ جَمَاعَةً هُنَاكَ، وَخَرَجَ الْحَجَّاجُ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، ثُمَّ اقْتَرَبَ شَبِيبٌ مِنَ الْكُوفَةِ يُرِيدُ دُخُولَهَا، فَأَعْلَمَ الدَّهَاقِينُ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، فَأَسْرَعَ الْحَجَّاجُ الْخُرُوجَ مِنَ الْبَصْرَةِ، وَقَصَدَ الْكُوفَةَ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، وَبَادَرَهُ شَبِيبٌ إِلَى الْكُوفَةِ، فَسَبَقَهُ الْحَجَّاجُ إِلَيْهَا، فَدَخَلَهَا الْعَصْرَ، وَوَصَلَ شَبِيبٌ إِلَى الْمِرْبَدِ عِنْدَ الْغُرُوبِ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ دَخَلَ شَبِيبٌ الْكُوفَةَ، وَقَصَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute