للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُتْبِيلَ مَلِكِ التُّرْكِ ; لِيَقْتَصُّوا مِنْهُ مَا كَانَ مِنْ قَتْلِ جَيْشِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، فَجَهَّزَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ كُلٍّ مِنَ الْمِصْرَيْنِ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَأَمَّرَ عَلَى الْجَمِيعِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ الْحَجَّاجُ يُبْغِضُهُ جِدًّا، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ إِلَّا هَمَمْتُ بِقَتْلِهِ.

وَدَخَلَ ابْنُ الْأَشْعَثِ يَوْمًا عَلَى الْحَجَّاجِ وَعِنْدَهُ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَى مِشْيَتِهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَأَسَرَّهَا الشَّعْبِيُّ إِلَى ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْعَثِ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَأَجْهَدَنَّ أَنْ أُزِيلَهُ عَنْ سُلْطَانِهِ إِنْ طَالَ بِي وَبِهِ الْبَقَاءُ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَخْذَ فِي اسْتِعْرَاضِ هَذِهِ الْجُيُوشِ، وَبَذَلِ فِيهِمُ الْعَطَاءَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ رَأْيُهُ فِيمَنْ يُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَعَ اخْتِيَارُهُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَدَّمَهُ عَلَيْهِمْ، فَأَتَى عَمُّهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ لِلْحَجَّاجِ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ تُؤَمِّرَهُ فَلَا يَرَى لَكَ طَاعَةً إِذَا جَاوَزَ جِسْرَ الْفُرَاتِ. فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ هُنَالِكَ، هُوَ لِي أَهْيَبُ، وَمِنِّي أَرْهَبُ أَنْ يُخَالِفَ أَمْرِي، أَوْ يَخْرُجَ عَنْ طَاعَتِي، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ، فَسَارَ ابْنُ الْأَشْعَثِ بِالْجُيُوشِ نَحْوَ أَرْضِ رُتْبِيلَ، فَلَمَّا بَلَغَ رُتْبِيلَ مَجِيءُ ابْنِ الْأَشْعَثِ بِالْجُنُودِ إِلَيْهِ كَتَبَ إِلَيْهِ رُتْبِيلَ يَعْتَذِرُ مِمَّا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَأَنَّهُ كَانَ لِذَلِكَ كَارِهًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>