وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى لَفْظِ: " وَيْكَ " فِي " التَّفْسِيرِ "، وَقَدْ قَالَ قَتَادَةُ: وَيْكَأَنَّ بِمَعْنَى أَلَمْ تَرَ أَنَّ. وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} [القصص: ٨٣] وَهِيَ دَارُ الْقَرَارِ. وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي يُغْبَطُ مَنْ أُعْطِيَهَا، وَيُعَزَّى مَنْ حُرِمَهَا، إِنَّمَا هِيَ مُعَدَّةٌ لِلَّذِينِ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا. فَالْعُلُوُّ هُوَ التَّكَبُّرُ وَالْفَخْرُ وَالْأَشَرُ وَالْبَطَرُ. وَالْفَسَادُ هُوَ عَمَلُ الْمَعَاصِي اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ; مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَإِفْسَادِ مَعَايِشِهِمْ، وَالْإِسَاءَةِ إِلَيْهِمْ، وَعَدَمِ النُّصْحِ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: ١٢٨] .
وَقِصَّةُ قَارُونَ هَذِهِ، قَدْ تَكُونُ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ; لِقَوْلِهِ: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: ٨١] فَإِنَّ الدَّارَ ظَاهِرَةٌ فِي الْبُنْيَانِ، وَقَدْ تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التِّيهِ، وَتَكُونُ الدَّارُ عِبَارَةً عَنِ الْمَحِلَّةِ الَّتِي تُضْرَبُ فِيهَا الْخِيَامُ، كَمَا قَالَ عَنْتَرَةُ:
يَا دَارَ عَبْلَةَ بِالْجِوَاءِ تَكَلَّمِي ... وَعِمِي صَبَاحًا دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلِمِي
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَذَمَّةَ قَارُونَ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ - إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [غافر: ٢٣ - ٢٤]
[غَافِرٍ: ٢٣، ٢٤] . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْعَنْكَبُوتِ " بَعْدَ ذِكْرِ عَادٍ وَثَمُودَ: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ - فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: ٣٩ - ٤٠]
[الْعَنْكَبُوتِ: ٣٩، ٤٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute