ذَلِكَ إِلَّا أَبْلَغَنِي، فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ يَجْزُونَهُ خَيْرًا، وَافْتَرَقُوا عَلَى ذَلِكَ.
وَكَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِأَنْ يُوقِفَ هِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ لِلنَّاسِ عِنْدَ دَارِ مَرْوَانَ، وَكَانَ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِيهِ ; لِأَنَّهُ أَسَاءَ إِلَى النَّاسِ بِالْمَدِينَةِ فِي مُدَّةِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمْ، وَكَانَتْ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَا سِيَّمَا إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَإِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَلَمَّا أُوقِفَ لِلنَّاسِ قَالَ هِشَامٌ: مَا أَخَافُ إِلَّا مِنْ سَعِيدٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِابْنِهِ وَمَوَالِيهِ: لَا يَعْرِضُ مِنْكُمْ أَحَدٌ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَإِنِّي تَرَكْتُ ذَلِكَ لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ، وَأَمَّا كَلَامُهُ فَلَا أُكَلِّمُهُ أَبَدًا. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَإِنَّهُ مَرَّ بِهِ وَهُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ دَارِ مَرْوَانَ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ، وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ إِلَى خَاصَّتِهِ أَنْ لَا يَعْرِضَ لَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَلَمَّا اجْتَازَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَتَجَاوَزَهُ، نَادَاهُ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ: " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ ".
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِلَادَ الرُّومِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً، وَغَنِمَ غَنَائِمَ جَمَّةً، وَيُقَالُ: إِنَّ الَّذِي غَزَا بِلَادَ الرُّومِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَفَتَحَ حِصْنَ بِوَلْقَ، وَحِصْنَ الْأَخْرَمِ، وَبُحَيْرَةَ الْفُرْسَانِ، وَحِصْنَ بُولَسَ وَقُمَيْقِمَ، وَقَتَلَ مِنَ الْمُسْتَعْرِبَةِ نَحْوًا مِنْ أَلْفٍ، وَسَبَى ذَرَّارِيَّهُمْ، وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ بِلَادَ التُّرْكِ، وَصَالَحَهُ مَلِكُهُمْ نَيْزَكُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute