للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ» هَكَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ هَاهُنَا مُخْتَصَرًا.

وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُطَوَّلًا فَقَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: أَنَا. ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ وَلَكِنْ لُدِغْتُ. قَالَ: وَكَيْفَ فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: اسْتَرْقَيْتُ. قَالَ: وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ،» فَقَالَ سَعِيدٌ - يَعْنِي ابْنَ جُبَيْرٍ -: قَدْ أَحْسَنَ مَنِ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ، وَالنَّبِيَّ مَعَهُ الرَّجُلَ، وَالرَّجُلَيْنِ، وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ; إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقُلْتُ: هَذِهِ أُمَّتِي. فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ. فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ قِيلَ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الْجَانِبِ. فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ: هَذِهِ أُمَتُّكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ ثُمَّ نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ فَخَاضَ الْقَوْمُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا قَطُّ. وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فَأَخْبَرُوهُ بِمَقَالَتِهِمْ، فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ، فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْتَ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ.» وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ، وَغَيْرِهَا، وَسَنُورِدُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ، عِنْدَ ذِكْرِ أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَأَوْرَدَ قِصَّتَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِرَارًا، وَكَرَّرَهَا كَثِيرًا، مُطَوَّلَةً، وَمَبْسُوطَةً، وَمُخْتَصَرَةً، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بَلِيغًا. وَكَثِيرًا مَا يَقْرِنُهُ اللَّهُ، وَيَذْكُرُهُ، وَيَذْكُرُ كِتَابَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكِتَابِهِ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ ": {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠١] . وَقَالَ تَعَالَى: {الم - اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ - نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ - مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: ١ - ٤]

[آلِ عِمْرَانَ: ١ - ٤] . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْأَنْعَامِ ": {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ - وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [الأنعام: ٩١ - ٩٢]

[الْأَنْعَامِ: ٩١، ٩٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>