للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أُمَّهُ أَتَتْ بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: عَمُّهُ زَوْجُ أُمِّهِ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَنَسٌ خَادِمٌ لَبِيبٌ يَخْدِمُكَ. فَوَهَبَتْهُ لَهُ، فَقَبِلَهُ، وَسَأَلَتْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَنَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَقْلَةٍ كُنْتُ أَجْتَنِيهَا. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ عَلَى عِمَالَةِ الْبَحْرَيْنِ وَشَكَرَاهُ فِي ذَلِكَ.

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا ضَرَبَنِي، وَلَا سَبَّنِي، وَلَا عَبَسَ فِي وَجْهِي، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ لَا فَعَلْتَ كَذَا؟» وَقِيلَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ كَثِّرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَطَوِّلْ حَيَاتَهُ» وَكَانَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْعِبَادَةِ.

وَقَدِ انْتَقَلَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَكَانَ لَهُ بِهَا أَرْبَعُ دُورٍ، وَقَدْ نَالَهُ أَذًى مِنْ جِهَةِ الْحَجَّاجِ، وَذَلِكَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ; تَوَهَّمَ الْحَجَّاجُ مِنْهُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْأَمْرِ، وَأَنَّهُ أَفْتَى فِيهِ، فَخَتَمَهُ الْحَجَّاجُ فِي عُنُقِهِ: هَذَا عَتِيقُ الْحَجَّاجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>