للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّبِنُ، وَحَثَوْا بِأَيْدِيهِمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ، وَأَكْثَرُوا التَّلَدُّدَ عَلَيْهِ وَالِانْتِحَابَ، ثُمَّ وَقَفُوا سَاعَةً عَلَيْهِ، وَأَيِسُوا مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ.

فَوَلَّوْا عَلَيْهِ مُعْوِلِينَ وَكُلُّهُمْ ... لِمِثْلِ الَّذِي لَاقَى أَخُوهُ مُحَاذِرُ

كَشَاءٍ رِتَاعٍ آمِنِينَ بَدَا لَهَا ... بِمُدْيَتِهِ بَادِي الذِّرَاعَيْنِ حَاسِرُ

فَرِيعَتْ وَلَمْ تَرْتَعْ قَلِيلًا وَأَجْفَلَتْ ... فَلَمَّا نَأَى عَنْهَا الَّذِي هُوَ جَازِرُ

عَادَتْ إِلَى مَرْعَاهَا، وَنَسِيَتْ مَا فِي أُخْتِهَا دَهَاهَا، أَفَبِأَفْعَالِ الْبَهَائِمِ اقْتَدَيْنَا؟ أَمْ عَلَى عَادَتِهَا جَرَيْنَا؟ عُدْ إِلَى ذِكْرِ الْمَنْقُولِ إِلَى دَارِ الْبِلَى وَالثَّرَى، وَاعْتَبِرْ بِمَوْضِعِهِ تَحْتَ الثَّرَى، الْمَدْفُوعِ إِلَى هَوْلِ مَا تَرَى.

ثَوَى مُفْرَدًا فِي لَحْدِهِ وَتَوَزَّعَتْ ... مَوَارِيثَهُ أَرْحَامُهُ وَالْأَوَاصِرُ

وَأَحْنَوْا عَلَى أَمْوَالِهِ يَقْسِمُونَهَا ... فَلَا حَامِدٌ مِنْهُمْ عَلَيْهَا وَشَاكِرُ

فَيَا عَامِرَ الدُّنْيَا وَيَا سَاعِيًا لَهَا ... وَيَا آمِنًا مِنْ أَنْ تَدُورَ الدَّوَائِرُ

كَيْفَ أَمِنْتَ هَذِهِ الْحَالَةَ وَأَنْتَ صَائِرٌ إِلَيْهَا لَا مَحَالَةَ؟! أَمْ كَيْفَ تَتَهَنَّأُ لِحَيَاتِكَ، وَهِيَ مَطِيَّتُكَ إِلَى مَمَاتِكَ؟! أَمْ كَيْفَ تَسِيغُ طَعَامَكَ وَأَنْتَ مُنْتَظِرٌ حِمَامَكَ؟! .

<<  <  ج: ص:  >  >>