فَالْكَوَاكِبُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ مِنْهَا سَيَّارَاتٌ ; وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ فِي اصْطِلَاحِ عُلَمَاءِ التَّسْيِيرِ، وَهُوَ عِلْمٌ غَالِبُهُ صَحِيحٌ بِخِلَافِ عِلْمِ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ غَالِبَهُ بَاطِلٌ، وَدَعْوَى مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ ; الْقَمَرُ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَعُطَارِدُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالزُّهْرَةُ فِي الثَّالِثَةِ، وَالشَّمْسُ فِي الرَّابِعَةِ، وَالْمِرِّيخُ فِي الْخَامِسَةِ، وَالْمُشْتَرَى فِي السَّادِسَةِ، وَزُحَلُ فِي السَّابِعَةِ. وَبَقِيَّةُ الْكَوَاكِبِ يُسَمُّونَهَا الثَّوَابِتَ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ، وَهُوَ الْكُرْسِيُّ فِي اصْطِلَاحِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْكَوَاكِبُ كُلُّهَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنَ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: ٥] . وَبِقَوْلِهِ: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت: ١٢] . فَخَصَّ سَمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ بَيْنِهِنَّ بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ فَإِنْ دَلَّ هَذَا عَلَى كَوْنِهَا مُرَصَّعَةً فِيهَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِمَّا قَالَهُ الْآخَرُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَفْلَاكَ السَّبْعَةَ بَلِ الثَّمَانِيَةَ تَدُورُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ دَوْرَةً كُلِّيَّةً مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْغَرْبِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَاتِ يَدُورُ عَلَى خِلَافِ فَلَكِهِ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ ; فَالْقَمَرُ يَقْطَعُ فَلَكَهُ فِي شَهْرٍ، وَالشَّمْسُ تَقْطَعُ فَلَكَهَا وَهُوَ الرَّابِعُ فِي سَنَةٍ فَإِذَا كَانَ السَّيْرَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، وَحَرَكَاتُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute