حَدًّا لَكُنْتُ لَهُ مُوضِعًا، يَا غُلَامُ، سَيْفٌ صَارِمٌ وَرَجُلٌ قَاطِعٌ. فَقَطَعَ يَدَهُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ، عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: تَغَدَّى الْحَجَّاجُ يَوْمًا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا انْقَضَى غَدَاؤُهُمَا دَعَاهُ الْوَلِيدُ إِلَى شُرْبِ النَّبِيذِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الْحَلَالُ مَا أَحْلَلْتَ، وَلَكِنِّي أَنْهَى عَنْهُ أَهْلَ عَمَلِي، وَأَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: ٨٨] .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ يَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي إِسْرَافِهِ فِي صَرْفِ الْأَمْوَالِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّهِ وَنَحْنُ خُزَّانُهُ، وَسِيَّانَ مَنْعُ حَقٍّ وَإِعْطَاءُ بَاطِلٍ. وَكَتَبَ فِي أَسْفَلِ الْكِتَابِ:
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَتْرُكْ أُمُورًا كَرِهْتَهَا ... وَتَطْلُبْ رِضَائِي فِي الَّذِي أَنَا طَالِبُهْ
وَتَخْشَى الَّذِي يَخْشَاهُ مِثْلُكَ هَارِبًا ... إِلَى اللَّهِ مِنْهُ ضَيَّعَ الدُّرَّ جَالِبُهْ
فَإِنْ تَرَ مِنِّي غَفْلَةً قُرَشِيَّةً ... فَيَا رُبَّمَا قَدْ غَصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُهْ
وَإِنْ تَرَ مِنِّي وَثْبَةً أُمَوِيَّةً ... فَهَذَا وَهَذَا كُلُّهُ أَنَا صَاحِبُهْ
فَلَا تَعْدُ مَا يَأْتِيكَ مِنِّي فَإِنْ تَعُدْ ... تَقُمْ فَاعْلَمَنْ يَوْمًا عَلَيْكَ نَوَادِبُهْ
فَلَمَّا قَرَأَهُ الْحَجَّاجُ كَتَبَ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَذْكُرُ فِيهِ سَرَفِي فِي الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ، فَوَاللَّهِ مَا بَالَغْتُ فِي عُقُوبَةِ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا قَضَيْتُ حَقَّ أَهْلِ الطَّاعَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سَرَفًا فَلْيُحِدَّ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَدًّا أَنْتَهِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute