للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمْ شَامِتٍ مُسْتَبْشِرٍ بِوَفَاتِهِ … وَعَمَّا قَلِيلٍ كَالَّذِي صَارَ صَائِرُ

فَشَقَّ جُيُوبَهَا نِسَاؤُهُ، وَلَطَمَ خُدُودَهَا إِمَاؤُهُ، وَأَعْوَلَ لِفَقْدِهِ جِيرَانُهُ، وَتَوَجَّعَ لِرُزْئِهِ إِخْوَانُهُ، ثُمَّ أَقْبَلُوا عَلَى جَهَازِهِ، وَشَمَّرُوا لِإِبْرَازِهِ.

وَظَلَّ أَحَبُّ الْقَوْمِ كَانَ لِقُرْبِهِ … يَحُثُّ عَلَى تَجْهِيزِهِ وَيُبَادِرُ

وَشَمَّرَ مَنْ قَدْ أَحْضَرُوهُ لِغَسْلِهِ … وَوَجَّهَ لَمَّا قَامَ لِلْقَبْرِ حَافِرُ

وَكُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ وَاجْتَمَعَتْ لَهُ … مُشَيِّعَةً إِخْوَانُهُ وَالْعَشَائِرُ

فَلَوْ رَأَيْتَ الْأَصْغَرَ مِنْ أَوْلَادِهِ، وَقَدْ غَلَبَ الْحُزْنُ عَلَى فُؤَادِهِ، وَغُشِيَ مِنَ الْجَزَعِ عَلَيْهِ، وَخَضَّبَتِ الدُّمُوعُ خَدَّيْهِ، وَهُوَ يَنْدُبُ أَبَاهُ وَيَقُولُ: يَا وَيْلَاهُ.

لَعَايَنْتَ مِنْ قُبْحِ الْمَنِيَّةِ مَنْظَرًا … يُهَالُ لِمَرْآهُ وَيَرْتَاعُ نَاظِرُ

أَكَابِرُ أَوْلَادٍ يَهِيجُ اكْتِئَابُهُمْ … إِذَا مَا تَنَاسَاهُ الْبَنُونَ الْأَصَاغِرُ

وَرَنَّةُ نِسْوَانٍ عَلَيْهِ جَوَازِعٍ … مَدَامِعُهُمْ فَوْقَ الْخُدُودِ غَوَازِرُ

ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْ سَعَةِ قَصْرِهِ إِلَى ضِيقِ قَبْرِهِ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ فِي اللَّحْدِ وَهَى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>