للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قُتِلَ فِي آخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ يُقَالُ: إِنَّهُ مَا كُسِرَتْ لَهُ رَايَةٌ. وَكَانَ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْعَسَاكِرِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِغَيْرِهِ.

وَفِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الصَّائِفَةَ، وَغَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الرُّومَ، فَفَتَحَ طُولَسَ وَالْمَرْزُبَانَيْنِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ.

وَفِيهَا تَكَامَلَ بِنَاءُ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بِدِمَشْقَ عَلَى يَدِ بَانِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، جَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَكَانَ أَصْلُ مَوْضِعِ هَذَا الْجَامِعِ قَدِيمًا مَعْبَدًا بَنَتْهُ الْيُونَانُ الْكُلْدَانِيُّونَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمُرُونَ دِمَشْقَ، وَهُمُ الَّذِينَ وَضَعُوهَا وَعَمَرُوهَا أَوَّلًا; فَهُمْ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهَا، وَقَدْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ الْمُتَحَيِّرَةَ; وَهِيَ الْقَمَرُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَعُطَارِدُ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَالزُّهْرَةُ فِي السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وَالشَّمْسُ فِي الرَّابِعَةِ، وَالْمِرِّيخُ فِي الْخَامِسَةِ، وَالْمُشْتَرِي فِي السَّادِسَةِ، وَزُحَلُ فِي السَّابِعَةِ. وَكَانُوا قَدْ صَوَّرُوا عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ دِمَشْقَ هَيْكَلًا لِكَوْكَبٍ مِنْ هَذِهِ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ، وَكَانَتْ أَبْوَابُ دِمَشْقَ سَبْعَةً، وَضَعُوهَا قَصْدًا لِذَلِكَ، فَنَصَبُوا هَيَاكِلَ سَبْعَةً لِكُلِّ كَوْكَبٍ هَيْكَلٌ، وَكَانَ لَهُمْ عِنْدَ كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ دِمَشْقَ عِيدٌ فِي السَّنَةِ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ وَضَعُوا الْأَرْصَادَ، وَتَكَلَّمُوا عَلَى حَرَكَاتِ الْكَوَاكِبِ وَاتِّصَالَاتِهَا وَمُقَارَنَتِهَا، وَبَنَوْا دِمَشْقَ، وَاخْتَارُوا لَهَا هَذِهِ الْبُقْعَةَ إِلَى جَانِبِ الْمَاءِ الْوَارِدِ مِنْ بَيْنِ هَذَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>