قَائِمٌ بَيْنَ بَابِ السَّاعَاتِ، وَبَابِ الْخَضْرَاءِ الَّذِي يَلِي الْمَقْصُورَةَ يُصَلِّي، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى بَابِ الْخَضْرَاءِ مِنْهُ إِلَى بَابِ السَّاعَاتِ، فَقَالَ لِلْقُوَّامِ: أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ لَا تَتْرُكُوا أَحَدًا اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يُصَلِّي كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ. فِي إِسْنَادِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ وَصِحَّتِهَا نَظَرٌ، وَلَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهَا وُجُودُ الْخَضِرِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا صَلَاتُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدِ اشْتُهِرَ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ أَنَّ الزَّاوِيَةَ الْقِبْلِيَّةَ عِنْدَ بَابِ الْمِئْذَنَةِ الْغَرْبِيَّةِ تُسَمَّى زَاوِيَةَ الْخَضِرِ، وَمَا أَدْرِي مَا سَبَبُ ذَلِكَ، وَالَّذِي ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ صَلَاةُ الصَّحَابَةِ فِيهِ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى فِيهِ إِمَامًا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْأُمَرَاءِ بِالشَّامِ، وَأَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَصَلَّى فِيهِ خَلْقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنْ قَبْلَ أَنْ يُغَيِّرَهُ الْوَلِيدُ إِلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَأَمَّا بَعْدَ أَنْ غُيِّرَ إِلَى هَذَا الشَّكْلِ فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ وَرَدَ دِمَشْقَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ يَبْنِي فِي هَذَا الْجَامِعِ، فَصَلَّى فِيهِ أَنَسٌ وَرَاءَ الْوَلِيدِ، وَأَنْكَرَ أَنَسٌ عَلَى الْوَلِيدِ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا، كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ أَنَسٍ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ.
وَسَيُصَلِّي فِيهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ إِذَا نَزَلَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، إِذَا خَرَجَ الدَّجَّالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute