وَلِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ سُلَيْمَانُ عَنْ إِمْرَةِ الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ حَيَّانَ، وَوَلَّى عَلَيْهَا أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَكَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ.
وَقَدْ كَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ حِينَ بَلَغَهُ وِلَايَةُ سُلَيْمَانَ الْخِلَافَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا يُعَزِّيهِ فِي أَخِيهِ، وَيُهَنِّئُهُ بِوِلَايَتِهِ، وَيَذْكُرُ فِيهِ بَلَاءَهُ وَعَنَاءَهُ وَقِتَالَهُ وَهَيْبَتَهُ فِي صُدُورِ الْأَعْدَاءِ، وَمَا فَتَحَ اللَّهُ مِنَ الْبِلَادِ وَالْمُدُنِ وَالْأَقَالِيمِ الْكِبَارِ عَلَى يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ لَهُ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ لِلْوَلِيدِ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ، إِنْ لَمْ يَعْزِلْهُ عَنْ خُرَاسَانَ وَنَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، ثُمَّ كَتَبَ كِتَابًا ثَانِيًا يَذْكُرُ فِيهِ مَا فَعَلَ مِنَ الْقِتَالِ وَالْفُتُوحَاتِ وَهَيْبَتَهُ فِي صُدُورِ الْمُلُوكِ وَالْأَعَاجِمِ، وَيَذُمُّ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ أَيْضًا، وَيُقْسِمُ فِيهِ لَئِنْ عَزَلَهُ وَوَلَّى يَزِيدَ لَيَخْلَعَنَّ سُلَيْمَانَ عَنِ الْخِلَافَةِ، وَكَتَبَ كِتَابًا ثَالِثًا فِيهِ خَلْعُ سُلَيْمَانَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبَعَثَ بِهَا مَعَ الْبَرِيدِ، وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْ إِلَيْهِ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ فَإِنْ قَرَأَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ فَادْفَعْ إِلَيْهِ الثَّانِيَ، فَإِنْ قَرَأَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَادْفَعْ إِلَيْهِ الثَّالِثَ، فَلَمَّا قَرَأَ سُلَيْمَانُ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَاتَّفَقَ حُضُورُ يَزِيدَ عِنْدَ سُلَيْمَانَ دَفَعَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَقَرَأَهُ، فَنَاوَلَهُ الْبَرِيدُ الْكِتَابَ الثَّانِيَ، فَقَرَأَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَنَاوَلَهُ الْبَرِيدُ الْكِتَابَ الثَّالِثَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ التَّصْرِيحُ بِعَزْلِهِ وَخَلْعِهِ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ خَتَمَهُ وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إِلَى يَزِيدَ، وَأَمَرَ بِإِنْزَالِ الْبَرِيدِ فِي دَارِ الضِّيَافَةِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ بَعَثَ إِلَى الْبَرِيدِ فَأَحْضَرَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَهَبًا وَكِتَابًا فِيهِ وِلَايَةُ قُتَيْبَةَ عَلَى خُرَاسَانَ، وَأَرْسَلَ مَعَ ذَلِكَ الْبَرِيدِ بَرِيدًا آخَرَ مِنْ جِهَتِهِ لِيُقَرِّرَهُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا وَصَلَا بِلَادَ خُرَاسَانَ بَلَغَهُمَا أَنَّ قُتَيْبَةَ قَدْ خَلَعَ الْخَلِيفَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute