للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنَاهَا فَانْعَقَدَتْ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ الْوَلِيدُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْضَةَ الْقُبَّةِ مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ; لِيُعَظِّمَ بِذَلِكَ شَأْنَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ الْمِعْمَارُ: إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ؟ فَضَرَبَهُ خَمْسِينَ سَوْطًا وَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ أَنَا لَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَتَزْعُمُ أَنِّي أَعْجَزُ عَنْهُ، وَخَرَاجُ الْأَرْضِ وَأَمْوَالُهَا تُجْبَى إِلَيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا أُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ. قَالَ: فَبَيِّنْ ذَلِكَ. قَالَ: اضْرِبْ لَبِنَةً وَاحِدَةً مِنَ الذَّهَبِ وَقِسْ عَلَيْهَا مَا تُرِيدُ هَذِهِ الْقُبَّةُ مِنْ ذَلِكَ. فَأَمَرَ الْوَلِيدُ، فَأُحْضِرَ مِنَ الذَّهَبِ مَا سُبِكَ بِهِ لَبِنَةٌ; فَإِذَا هِيَ قَدْ دَخَلَهَا أُلُوفٌ مِنَ الذَّهَبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا نُرِيدُ مِنْ هَذِهِ كَذَا وَكَذَا أَلْفِ لَبِنَةً، فَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَا يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ عَمِلْنَاهُ. فَلَمَّا تَحَقَّقَ الْوَلِيدُ صِحَّةَ قَوْلِهِ أَطْلَقَ لَهُ خَمْسِينَ دِينَارًا، ثُمَّ عَقَدَهَا عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ الْمِعْمَارُ.

وَلَمَّا سَقَفَ الْوَلِيدُ الْجَامِعَ جَعَلُوا سَقْفَهُ جَمَلُونَاتٍ، وَبَاطِنَهَا مُسَطَّحًا مُقَرْنَصًا بِالذَّهَبِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ: أَتْعَبْتَ النَّاسَ بَعْدَكَ فِي تَطْيِينِ أَسْطِحَةِ هَذَا الْمَسْجِدِ فِي كُلِّ عَامٍ. فَأَمَرَ الْوَلِيدُ أَنْ يُجْمَعَ مَا فِي بِلَادِهِ مِنَ الرَّصَاصِ; لِيَجْعَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>