للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَنُقِضَتْ وَجُدِّدَ بِنَاؤُهَا مِنْ أَمْوَالِ النَّصَارَى، حَيْثُ اتُّهِمُوا بِحَرِيقِهَا، فَقَامَتْ عَلَى أَحْسَنِ الْأَشْكَالِ بَيْضَاءَ بِذَاتِهَا وَهِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، الْمَنَارَةُ الشَّرْقِيَّةُ الَّتِي يَنْزِلُ عَلَيْهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَعْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ»، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ.

قُلْتُ: ثُمَّ أُحْرِقَ أَعْلَى هَذِهِ الْمَنَارَةِ وَجُدِّدَتْ، وَكَانَ أَعْلَاهَا مِنْ خَشَبٍ، فَبُنِيَتْ بِحِجَارَةٍ كُلُّهَا فِي آخِرِ السَّبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَصَارَتْ كُلُّهَا مَبْنِيَّةً بِالْحِجَارَةِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْجَامِعَ الْأُمَوِيَّ لَمَّا كَمُلَ بِنَاؤُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِنَاءٌ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا أَبْهَى وَلَا أَجَلَّ مِنْهُ، بِحَيْثُ إِنَّهُ إِذَا نَظَرَ النَّاظِرُ إِلَيْهِ، أَوْ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ مِنْهُ أَوْ إِلَى أَيِّ بُقْعَةٍ أَوْ مَكَانٍ مِنْهُ، تَحَيَّرَ فِيمَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ; لِحُسْنِهِ جَمِيعِهِ، وَلَا يَمَلُّ نَاظِرُهُ، بَلْ كُلَّمَا أَدْمَنَ النَّظَرَ، بَانَتْ لَهُ أُعْجُوبَةٌ لَيْسَتْ كَالْأُخْرَى.

وَكَانَتْ فِيهِ طِلَّسْمَاتٌ مِنْ أَيَّامِ الْيُونَانَ، فَلَا يَدْخُلُ هَذِهِ الْبُقْعَةَ شَيْءٌ مِنَ الْحَشَرَاتِ بِالْكُلِّيَّةِ; لَا مِنَ الْحَيَّاتِ، وَلَا مِنَ الْعَقَارِبِ، وَلَا الْخَنَافِسِ، وَلَا الْعَنَاكِيبِ، وَيُقَالُ: وَلَا الْعَصَافِيرُ أَيْضًا تُعَشِّشُ فِيهِ، وَلَا الْحَمَامُ، وَلَا شَيْءٌ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ النَّاسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>