للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاقِدِيُّ: وَقَدْ أَغَارَتِ الْبُرْجَانُ عَلَى جَيْشِ مَسْلَمَةَ وَهُوَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ، فِي هَذِهِ السَّنَةِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ جَيْشًا فَقَاتَلَ الْبُرْجَانَ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ دِهِسْتَانَ مِنْ أَرْضِ الصِّينِ فَحَاصَرَهَا وَقَاتَلَ عِنْدَهَا قِتَالًا شَدِيدًا، وَلَمْ يَزَلْ حَتَّى تَسَلَّمَهَا، وَقَتَلَ مِنَ التُّرْكِ الَّذِينَ بِهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ صَبْرًا، وَأَخَذَ مِنْهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَثَاثِ وَالْأَمْتِعَةِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ كَثْرَةً وَقِيمَةً وَحُسْنًا، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى جُرْجَانَ فَاسْتَجَاشَ صَاحِبُهَا بِالدَّيْلَمِ، فَقَدِمُوا لِنَجْدَتِهِ فَقَاتَلَهُمْ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَقَاتَلُوهُ، فَحَمَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْجُعَفِيُّ وَكَانَ فَارِسًا شُجَاعًا بَاهِرًا عَلَى مَلِكِ الدَّيْلَمِ فَقَتَلَهُ وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَقَدْ بَارَزَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ هَذَا يَوْمًا بَعْضَ فُرْسَانِ التُّرْكِ، فَضَرَبَهُ التُّرْكِيُّ بِالسَّيْفِ عَلَى الْبَيْضَةِ فَنَشِبَ فِيهَا، وَضَرَبَهُ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَسَيْفُهُ يَقْطُرُ دَمًا وَسَيْفُ التُّرْكِيِّ نَاشِبٌ فِي خَوْذَتِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟ قَالُوا: ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ. فَقَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ لَوْلَا انْهِمَاكُهُ فِي الشَّرَابِ. ثُمَّ صَمَّمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ عَلَى مُحَاصَرَةِ جُرْجَانَ وَمَا زَالَ يُضَيِّقُ عَلَى صَاحِبِهَا حَتَّى صَالَحَهُ عَلَى سَبْعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمِائَتَيْ أَلْفِ ثَوْبٍ، وَأَرْبَعِمِائَةِ حِمَارٍ مُوَقَّرَةٍ زَعْفَرَانًا، وَأَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ، عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَجُلٍ تُرْسٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>