وَقَالَ غَيْرُهُ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَوْمًا النَّاسَ فَقَالَ، وَقَدْ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْلِحُوا آخِرَتَكُمْ تَصْلُحْ لَكُمْ دُنْيَاكُمْ، وَأَصْلِحُوا سَرَائِرَكُمْ تَصْلُحْ لَكُمْ عَلَانِيَتُكُمْ، وَاللَّهِ إِنَّ عَبْدًا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَ أَبٌ إِلَّا قَدْ مَاتَ، إِنَّهُ لَمُعْرَقٌ لَهُ فِي الْمَوْتِ. وَقَالَ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: كَمْ مِنْ عَامِرٍ مُؤَنَّقٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَخْرُبُ، وَكَمْ مِنْ مُقِيمٍ مُغْتَبِطٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَظْعَنُ، فَأَحْسِنُوا - رَحِمَكُمُ اللَّهُ - مِنَ الدُّنْيَا الرِّحْلَةَ بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ النَّقْلَةِ، بَيْنَمَا ابْنُ آدَمَ فِي الدُّنْيَا يُنَافِسُ فِيهَا قَرِيرَ الْعَيْنِ قَانِعًا، إِذْ دَعَاهُ اللَّهُ بِقَدَرِهِ وَرَمَاهُ بِيَوْمِ حَتْفِهِ، فَسَلَبَهُ آثَارَهُ وَدُنْيَاهُ، وَصَيَّرَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ مَصَانِعَهُ وَمَغْنَاهُ، إِنَّ الدُّنْيَا لَا تَسُرُّ بِقَدْرِ مَا تَضُرُّ، تَسُرُّ قَلِيلًا، وَتُحْزِنُ طَوِيلًا.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَامَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا كِتَابَ بَعْدَ الْقُرْآنِ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنِّي لَسْتُ بِقَاضٍ وَلَكِنِّي مُنْفِذٌ، وَإِنِّي لَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ، إِنَّ الرَّجُلَ الْهَارِبَ مِنَ الْإِمَامِ الظَّالِمِ لَيْسَ بِظَالِمٍ، أَلَا إِنَّ الْإِمَامَ الظَّالِمَ هُوَ الْعَاصِي، أَلَا لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute