للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا رَفَقَ عَبْدٌ بِعَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا رَفَقَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وَخَرَجَ ابْنٌ لَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَشَجَّهُ صَبِيٌّ مِنْهُمْ، فَاحْتَمَلُوا الصَّبِيَّ الَّذِي شَجَّ ابْنَهُ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى عُمَرَ، فَسَمِعَ الْجَلَبَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا مُرَيْئَةٌ تَقُولُ: إِنَّهُ ابْنِي، وَإِنَّهُ يَتِيمٌ. فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: أَلَهُ عَطَاءٌ فِي الدِّيوَانِ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَاكْتُبُوهُ فِي الذُّرِّيَّةِ. فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ إِنْ لَمْ يَشُجَّ ابْنَكَ ثَانِيَةً. فَقَالَ: وَيْحَكِ، إِنَّكُمْ أَفْزَعْتُمُوهُ.

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَقُولُونَ: مَالِكٌ زَاهِدٌ. أَيُّ زُهْدٍ عِنْدِي! إِنَّمَا الزَّاهِدُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَتَتْهُ الدُّنْيَا فَاغِرَةً فَاهَا فَتَرَكَهَا. قَالُوا: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى قَمِيصٍ وَاحِدٍ فَكَانَ إِذَا غَسَلُوهُ جَلَسَ فِي الْمَنْزِلِ حَتَّى يَيْبَسَ. وَقَدْ وَقَفَ مَرَّةً عَلَى رَاهِبٍ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ عِظْنِي. فَقَالَ لَهُ: عَلَيْكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ

تَجَرَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ إِنَّمَا ... خَرَجْتَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنْتَ مُجَرَّدُ

قَالُوا: فَكَانَ يُعْجِبُهُ وَيُكَرِّرُهُ وَعَمِلَ بِهِ حَقَّ الْعَمَلِ.

قَالُوا: وَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ يَوْمًا فَسَأَلَهَا أَنْ تُقْرِضَهُ دِرْهَمًا أَوْ فُلُوسًا يَشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>