بَقِيَ فِي سَبْعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، فَسَارَ بِهِمْ حَتَّى غَالَقَ جَيْشَ الْأَتْرَاكِ، وَهُمْ مُحَاصِرُو ذَلِكَ الْقَصْرِ، وَقَدْ عَزَمَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ هُمْ فِيهِ عَلَى قَتْلِ نِسَائِهِمْ وَذَبْحِ أَوْلَادِهِمْ أَمَامَهُمْ، ثُمَّ يَنْزِلُونَ فَيُقَاتِلُونَ حَتَّى يُقْتَلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ الْمُسَيَّبُ يُثَبِّتُهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، فَثَبَتُوا وَمَكَثَ الْمُسَيَّبُ حَتَّى إِذَا كَانَ - وَقْتُ السَّحَرِ كَبَّرَ وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ، وَقَدْ جَعَلُوا شِعَارَهُمْ يَا مُحَمَّدُ، ثُمَّ حَمَلُوا عَلَى التُّرْكِ حَمْلَةً صَادِقَةً، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَعَقَرُوا دَوَابَّ كَثِيرَةً، وَنَهَضَ إِلَيْهِمُ التُّرْكُ، فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى فَرَّ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ، وَضُرِبَتْ دَابَّةُ الْمُسَيَّبِ فِي عَجُزِهَا فَتَرَجَّلَ عَنْهَا، وَتَرَجَّلَ مَعَهُ الشُّجْعَانُ، فَقَاتَلُوا، وَهُمْ كَذَلِكَ قِتَالًا عَظِيمًا، وَالْتَفَّتِ الْجَمَاعَةُ بِالْمُسَيَّبِ، وَصَبَرُوا حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَفَرَّ الْمُشْرِكُونَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ هَارِبِينَ لَا يَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ، وَقَدْ كَانَ الْأَتْرَاكُ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ، فَنَادَى مُنَادِي الْمُسَيَّبِ: أَنْ لَا تَتْبَعُوا أَحَدًا مِنْهُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِالْقَصْرِ وَأَهْلِهِ. فَاحْتَمَلُوهُمْ وَحَازُوا مَا فِي مُعَسْكَرِ أُولَئِكَ الْأَتْرَاكِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ، وَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ سَالِمِينَ بِمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَحْصُورِينَ، وَجَاءَتِ التُّرْكُ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْقَصْرِ فَلَمْ يَجِدُوا بِهِ دَاعِيًا وَلَا مُجِيبًا، فَقَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَقُونَا بِالْأَمْسِ لَمْ يَكُونُوا إِنْسًا، إِنَّمَا كَانُوا جِنًّا. ثُمَّ غَزَا سَعِيدٌ الْمُلَقَّبُ خُذَيْنَةُ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِلَادَ الصُّغْدِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَعَانُوا الْكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute