للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [الْأَعْرَافِ: ٥٤] الْآيَةَ.

وَيَقْرَأُ: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ وَنَحْوَ هَذِهِ الْآيَاتِ، وَكَانَ يَجْتَمِعُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَذْكُرُونَ إِلَّا الْمَوْتَ وَالْآخِرَةَ، ثُمَّ يَبْكُونَ حَتَّى كَأَنَّ بَيْنَهُمْ جِنَازَةً.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ عَنِ الْمُبَرِّدِ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

فَمَا تَزَوَّدَ مِمَّا كَانَ يَجْمَعُهُ … سِوَى حَنُوطٍ غَدَاةَ الْبَيْنِ فِي خِرَقِ

وَغَيْرَ نَفْحَةِ أَعْوَادٍ تُشَبُّ لَهُ … وَقَلَّ ذَلِكَ مِنْ زَادٍ لِمُنْطَلِقِ

بِأَيِّمَا بَلَدٍ كَانَتْ مَنِيَّتُهُ … إِنْ لَا يَسِرْ طَائِعًا فِي قَصْدِهَا يُسَقِ

وَنَظَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ فِي جِنَازَةٍ، إِلَى قَوْمٍ قَدْ تَلَثَّمُوا مِنَ الْغُبَارِ وَالشَّمْسِ، وَانْحَازُوا إِلَى الظِّلِّ، فَبَكَى وَأَنْشَدَ:

مَنْ كَانَ حِينَ تُصِيبُ الشَّمْسُ جَبْهَتَهُ … أَوِ الْغُبَارُ يَخَافُ الشَّيْنَ وَالشَّعَثَا

وَيَأْلَفُ الظِّلَّ كَيْ تَبْقَى بَشَاشَتُهُ … فَسَوْفَ يَسْكُنُ يَوْمًا رَاغِمًا جَدَثًا

فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ غَبْرَاءَ مُوحِشَةٍ … يُطِيلُ فِي قَعْرِهَا تَحْتَ الثَّرَى لُبْثَا

تَجَهَّزِي بِجَهَازٍ تَبْلُغِينَ بِهِ … يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثَا

وَقَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ الْغَلَّابِيُّ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَجِفُّ فُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>