للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي يَقُولُ:

طَرَقَتْكَ صَائِدَةُ الْقُلُوبِ وَلَيْسَ ذَا ... حِينَ الزِّيَارَةِ فَارْجِعِي بِسَلَامِ

فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَأْذَنْ لِجَرِيرٍ. فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ وَهُوَ يَقُولُ:

إِنَّ الَّذِي بَعَثَ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا ... جَعَلَ الْخِلَافَةَ لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ

وَسِعَ الْخَلَائِقَ عَدْلُهُ وَوَفَاؤُهُ ... حَتَّى ارْعَوى وَأَقَامَ مَيْلَ الْمَائِلِ

إِنِّي لَأَرْجُوَ مِنْكَ خَيْرًا عَاجِلًا ... وَالنَّفْسُ مُولَعَةٌ بِحُبِّ الْعَاجِلِ

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيْحَكَ يَا جَرِيرُ! اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا تَقُولُ. ثُمَّ إِنَّ جَرِيرًا اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي الْإِنْشَادِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَمْ يَنْهَهُ، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً طَوِيلَةً يَمْدَحُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ يَا جَرِيرُ! لَا أَرَى لَكَ فِيهَا هَاهُنَا حَقًّا. فَقَالَ: إِنِّي مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ. فَقَالَ إِنَّا وُلِّينَا هَذَا الْأَمْرَ وَنَحْنُ لَا نَمْلِكُ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَخَذَتْ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ مِائَةً، وَابْنُهَا مِائَةً، وَقَدْ بَقِيَتْ مِائَةٌ. فَأَمَرَ لَهُ بِهَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى الشُّعَرَاءِ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ يَا جَرِيرُ؟ فَقَالَ: مَا يَسُوءُكُمْ، خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ يُعْطِي الْفُقَرَاءَ، وَيَمْنَعُ الشُّعَرَاءَ وَإِنِّي عَنْهُ لَرَاضٍ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

رَأَيْتُ رُقَى الشَّيْطَانِ لَا تَسْتَفِزُّهُ ... وَقَدْ كَانَ شَيْطَانِي مِنَ الْجِنِّ رَاقِيَا

وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيمَا حَكَاهُ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ: قَالَتْ جَارِيَةٌ لِلْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فِي جَرِيرٍ: إِنَّكَ تُدْخِلُ هَذَا عَلَيْنَا. فَقَالَ: إِنَّهُ مَا عَلِمْتُ [إِلَّا] عَفِيفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>