وَلِمَّا كَانَ أَشْرَفُ الْأَجْرَامِ الْمُشَاهَدَةِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ هِيَ الْكَوَاكِبَ، وَأَشْرَقُهُنَّ مَنْظَرًا، وَأَشْرَفُهُنَّ مُعْتَبَرًا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، اسْتَدَلَّ الْخَلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ إِلَهِيَّةِ شَيْءٍ مِنْهُنَّ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الْأَنْعَامِ: ٧٧ - ٧٩]. فَبَيَّنَ بِطْرِيقِ الْبُرْهَانِ الْقَطْعِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْرَامَ الْمُشَاهَدَاتِ مِنَ الْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ لَا يَصْلُحُ شَيْءٌ مِنْهَا لِلْإِلَهِيَّةِ; لِأَنَّهَا كُلَّهَا مَخْلُوقَةٌ مَرْبُوبَةٌ مُدَبَّرَةٌ مُسَخَّرَةٌ فِي سَيْرِهَا لَا تَحِيدُ عَمَّا خُلِقَتْ لَهُ، وَلَا تَزِيغُ عَنْهُ إِلَّا بِتَقْدِيرٍ مُتْقَنٍ مُحَرَّرٍ لَا تَضْطَرِبُ وَلَا تَخْتَلِفُ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا مَرْبُوبَةٌ مَصْنُوعَةٌ مُسَخَّرَةٌ مَقْهُورَةٌ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فُصِّلَتْ: ٣٧].
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَئِذٍ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ﷿، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute