وَلَمَّا وَلِيَ إِرْمِينِيَّةَ غَزَا التُّرْكَ فَبَلَغَ بَابَ الْأَبْوَابِ فَهَدَمَ الْمَدِينَةَ الَّتِي عِنْدَهُ، ثُمَّ أَعَادَ بِنَاءَهَا بَعْدَ تِسْعِ سِنِينَ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ غَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَحَاصَرَهَا، وَافْتَتَحَ مَدِينَةَ الصَّقَالِبَةِ وَكَسَرَ مَلِكَهُمُ الْبُرْجَانَ ثُمَّ عَادَ إِلَى مُحَاصَرَةِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَأَخَذَهُ، وَهُوَ يُغَازِيهِمْ، صُدَاعٌ عَظِيمٌ فِي رَأْسِهِ، فَبَعَثَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَيْهِ بِقَلَنْسُوَةٍ، وَقَالَ: ضَعْهَا عَلَى رَأْسِكَ يَذْهَبْ صُدَاعُكَ. فَخَشِيَ أَنْ تَكُونَ مَكِيدَةً، فَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ بَهِيمَةٍ، فَلَمْ يَرَ إِلَّا خَيْرًا، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا خَيْرًا، فَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ فَذَهَبَ صُدَاعُهُ، فَفَتَقَهَا فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ سَبْعُونَ سَطْرًا هَذِهِ الْآيَةُ مُكَرَّرَةً: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: ٤١] . رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
وَقَدْ لَقِيَ مَسْلَمَةُ فِي حِصَارِهِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ شِدَّةً عَظِيمَةً، وَجَاعَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَهَا جَوْعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْبَرِيدَ يَأْمُرُهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى الشَّامِ، فَحَلَفَ مَسْلَمَةُ أَنْ لَا يُقْلِعَ عَنْهُمْ حَتَّى يَبْنُوا لَهُ جَامِعًا كَبِيرًا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَبَنَوْا لَهُ جَامِعًا وَمَنَارَةً، فَهُوَ بِهَا إِلَى الْآنِ يُصَلِّي فِيهِ الْمُسْلِمُونَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute